يقول الأديب الألماني الكبير غوته " ليس ثمة قانون يجبرنا على تحمل الإهانة" وكأنه يجسد حالة سلوكية فريدة نعيشها في واقعنا وتدور حول الشراكة في بناء الوطن.

عندما عمل المؤسس الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- على توحيد هذا الكيان كان عبقرياً، وجعل من الشراكة مع كل أطياف المجتمع الركيزة للوحدة والتنمية من منطلق تعزيز الوطنية والمواطنة التي هي في أخر المطاف المسؤولية والسلوك الإيجابي والمبادرة والتكامل في الأدوار، وأن البلد ومؤسساته للجميع وتسع الجميع.

اليوم يجب أن ندرك بأن الدولة بنيت من خلال أفكار وسواعد رجالها المخلصين وليس من خلال من يتساقطون علينا بالمظلات ليجدوا لهم موقعاً ومكانة من لا مكانة له وأيضاً بسواعد وأفكار المؤمنين بالشراكة واحترام من اختلط عرقهم وتشاركوا في بناء هذا الكيان ومروا بالحلوة والمرة معاً على مر السنين، ومهما كنا نعتقد أن هناك فجوات معرفية بين مرحلة ومرحلة أخرى إلا أن كل مرحلة كانت محقة في دورها وكانت تقوم بواجبها حسب إمكانيتها المادية والمعرفية فليس من باب العدل والمساواة أن نقارن بين من أتيحت له الفرصة والدعم للدراسة في أفضل الجامعات واحتك بخبرات متقدمة وبين من لم تتح لهم الفرصة لأنه من غير الواصلين والمحظوظين، ولهذا ليس من حق أحد أن يمارس بفعل السلطة والصلاحيات إقصاء لأي مواطن شريك له، فولاة أمرنا عندما يمنحوا الثقة لأي مسؤول لا يعني هذا الثقة المطلقة والتعدي على حقوق الآخرين والإقصاء من الشراكة وتحمل المسؤولية.

مما يؤسف له أن نجد من يفهم الصلاحيات وثقة ولي الأمر إشارة خضراء لمحاباة أصدقائهم وفرضهم في مناصب على حساب المواطنين المتدرجين في وظائفهم بخبراتهم ومجهوداتهم. كل هذا على حساب مبررات ظاهرها النزاهة وباطنها الفساد كمقولات "المصلحة العامة وضخ دماء جديدة والطاقات الشبابية.. وأنا أقرر من هو الأصلح وإطلاق العنان ليكون بمثابة جهد رقابة واتهام وقضاء وحكم على الذين ويعملون بإخلاص بعدم النزاهة.. الخ " من المبررات الشخصية التي هدفها التسويق وصناعة سيرات ذاتية وخلق واقع جديد من التمركز حول الذات والسلطة المقرونة بالتسلط لدرجة الوصول إلى حالة من جنون العظمة والاعتقاد بأنه الأذكى والأكثر موهبة.

اليوم هناك نعوت وأوصاف تمييزية اعتاد عليها بعض المسؤولين الكبار على من يصفوهم بالحرس القديم كنوع من الدفاعات اللا شعورية لتبرير ما سوف يقوم به لاحقاً من ممارسات بعيدة عن الشفافية والنزاهة ويصورون لنا بأنهم مغصوبين على هذه المناصب بينما سلوكياتهم عكس ذلك ومن يدرس أول سنة علم نفس يعرف حقيقة هذه الشخصيات السلبية العدوانية، لقد حان الوقت لتعزيز برامج لتأهيل واختيار القادة المتوافقين نفسياً ومعرفياً وسلوكياً إذا أردنا أن نحافظ على الشراكة الوطنية وتعزيز روح المسؤولية وأن لا تترك الحبل على الغارب لمناصب البرشوتات.

نقلا عن الرياض