الترويج والتسويق للسلع والخدمات والأفكار، علم مشترك بين العلوم الإدارية والاجتماعية والنفسية والإعلامية. ولكل من هذه العلوم فنون إبداعية شتى في الأداء المهني. لكنها تتمحور حول المعلومة التي تقدم للمتلقي المستفيد من الخدمة - الفطرة - السلعة. وكلما كانت المعلومة واضحة صادقة جاءت احتمالات كبيرة بالقناعة لدى المتلقي.
في علم الاتصال يكون الإقناع صعباً إذا لم تكن المعلومة مبنية على الوضوح والمباشرة في الطرح بعيدة عن الاستغفال أو التزييف والخداع. لهذا فإن الحملات الإعلامية - الإعلانية التي تفتقد الصدق والوضوح لا تصل إلى هدفها بسهولة، حتى لو توفرت للشخصية التي تقوم بأداء الرسالة مصداقية عالية لدى جمهور التلقي.
فكم من الإعلانات، حملات الإعلام والإعلان التي تروج لأي غرض يجب أن تدرس بعناية فائقة الجمهور المستهدف من حيث مستوى التعليم، السن، الجنس، والاختيارات المتعددة في استعمالات السلعة، الفكرة التي يعلن، يعلم عنها، والتركيز على مواطن القوة والضعف والاحتمالات التي يمكن الإقناع بها، وكذا عن الوسيلة الإعلامية الأكثر قبولاً وتأثيراً. وهذا يسمى في علوم الاتصال audience analysis. إن الدور الذي يؤديه الاتصال الشخصي مهم جداً في الترويج، الدعاية والإعلان. ولعل اللغة المستخدمة وطريقة أدائها من قبل الشخص القائم بالإعلان ذات تأثير في لفت انتباه المتلقين وجذبهم للشراء.
لقد نشأنا صغاراً على سماع أهازيج شعبية من الباعة على سبيل المثال، تروج بغنائية ودعايات لطيفة للبضائع. ففي الطائف حيث كانت بواكير عيشي وتعليمي كان بائع التين الشوكي -البرشومي - يردد (شفوي شفوي جابه البدوي) وهذا نسبة لشفا الطائف.
وكان باعة البليلة في مكة وجدة والطائف يطرون بضاعتهم بأناشيد لطيفة طريفة: بليلة بللوكي، سبعة جواهر خدموك.. وكان القصاب في الرياض يردد: الطيب عندي وأنا أبو هندي، وفي القصيم الزين للزين.
وكان الباعة في المدينة المنورة يتنافسون في إغراء الزبائن والمتسوقين حول مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام ومسجد قباء: جبرنا والجابر الله يا نعناع المدينة والجوري، وعنب وعناب وهدية للأحباب.
وفي أسواق الدمام وخاصة سوق الحب تسمع فرائد من أجمل العبارات مثل الزين عندي والعشا مكبوس بتراب الفلوس قرب قرب وشوف.
أما في الجنوب فكان باعة التمور في أسواق بيشة وأبها ونجران ومحايل والباحة يتصايحون: صفري صفري بيشة حالي وعيشة وعسل مجرة وفي الليل مسرى.
أما في جازان فسوق النباتات العطرية هو الأكثر رواجاً حيث الشوق والتوق في شراء الردايم من الفل والكادي، واشتقت للديرة واحشمي هاكم عصابة فل والا كادي.
هذه الأساليب التسويقية الجميلة هل مازالت في أسواقنا أغاني جميلة تبعد العبوس والاكتئاب عن نفسياتنا باعة ومتسوقين.
أما أجيالنا الشابة فلا أعتقد أنهم يعلمون كثيراً عن أساليب التسويق والتشويق الشعبية الجميلة السابق أمثلة منها.
لكن نرى هل يمكن أن يفيد أساتذة التسويق والدعاية والإعلان الطلاب والطالبات لتكون لدينا أجيال واعية بالتسويق مهنة ومنفعة لها طابع محلي جميل أم أن الحال ستعيد لنا ما كنا نردده صغاراً: اشرب شربيت وخليك بالبيت.
نقلا عن الرياض