لا شك أن هناك عالما جديدا نعيش فيه عالما مختلفا أصبح الإعلام فيه هو القوة المؤثرة وتحولت «ثقافة الصورة» في هذا العالم سلطة على الأذهان والعقول.. ولم يعد هناك تأثير قوي ومؤثر لأية سلطة معرفية سوى سلطة الصورة في مفرداتها وتجلياتها المختلفة.
اليوم ثمة حضور للسينما خاصة السينما العالمية وهناك جيل جديد يتابع أحدث الأفلام العالمية ومتابعة لنجومها ونجماتها إضافة إلى أن لغة وقنوات التواصل والإيصال في خطاب تحمل في مضامينه توجهات واتجاهات الأجيال الجديدة عبر الاقتراب من المناطق المحرمة والمسكوت عنها سياسيا ودينيا واجتماعيا.
ومن هنا لم تعد هناك سلطة معرفية تساوي سلطة الإعلام التي أصبحت اليوم تقوم على أجندات سياسية وفكرية وأيدلوجية وحزبية.. وتخضع لسياسات دول وأحزاب عبر القنوات الفضائية وهو ما يجعلنا اليوم نجد أنفسنا أمام عالم جديد لم يعد فيه مكانا لدور المثقف بالمعنى العميق لهذا الدور بل هناك تراجع واضح وفاضح لدور المثقف من خلال غياب تأثيره وسلطته وجاذبيته بل إن حضور الداعية أكثر قابلية وجاذبية عند الأكثرية من الناس الذين هم في العادة ممن يميلون وينحازون إلى حضور صورة الشيخ والداعية أكثر من ميلهم وانحيازهم إلى صورة المفكر والمنظر والمثقف بل إن شرائح كبيرة في المجتمع هي أكثر ميلا وانحيازا إلى صورة الفنان والفنانة والممثل والممثلة ونجوم السينما والكرة أكثر من ميلها وانحيازها لأي رجل يحمل فكرا عميقا وثقافة واسعة ورؤية ثاقبة في مجمل الأحداث والقضايا ولديه معرفة وفهم ووعي.
إنه عالم جديد متغير ومتبدل، الإعلام فيه يمثل سلطة معرفية عبر ثقافة الصورة وهي ثقافة تبرمج وتهندس اليوم عقول وأذهان البشر وتقوم بصناعة وصياغة اتجاهات الرأي في المجتمعات.
لقد انتقل العالم معرفيا من سلطة المثقف إلى سلطة الإعلام وسلطة الصورة والدخول في زمن تغير جذريا عن الزمن القديم وهذه السلطة المعرفية الجديدة هي التي ساهمت مساهمة كبيرة وعميقة في الثورات العربية وفي تغيير وجه العالم العربي عبر الأجيال الجديدة.
نعم نحن في زمن هندسة العقول وبرمجتها عبر الإعلام ووسائله المختلفة من الكلمة إلى الصورة.
نقلا عن عكاظ