وأتأمل حاضرا أعيشه بكل فخر وسعادة وابتسامة.

وكي لا أنسى، أتأمل صفحات من تاريخنا القريب، قارئة له وشاهدة عليه. تاريخ مُحزن بكل المقاييس.

شعور أليم أن تكون شاهدا على صفحة من تاريخ، عصفت فيه انحرافات فكرية بحلم وطن يبني، وحيكت حول حلمه والتفت حول رقبته بخيوط عنكبوتية. ويد مُخربة شيطانية عبثت بعقول أبنائه وتلاعبت بعواطفهم باسم أسمى ما ينتمون إليه .. الإسلام.

شعور أليم ومُحزن أن تكون شاهدا على انتكاسة وطن في عز انتفاضته للنهوض والبناء والتنمية. يُطعن غدرا في أوج مساعيه باتجاه نهضة علمية تنموية. والأشد إيلاما ما أصاب كل صوت لم يخنه وعيه ولم يُستلب عقله، حاول أن يحذر من الخطر الذي يحيق بأمن الوطن ومستقبله. لينتصر له الحق الذى لا يسهو ولا ينسى.

هي صفحة من تاريخ لا يجب أن تُنسى، تمدنا بالإدراك وبالعزيمة على تعزيز معنى ومفهوم الوطن، والوعي بحتمية التمسك به والالتفاف حوله، والدفاع عنه في مواجهة كل من لا يعترف بمعنى "الوطن"، وكل من يخطط لأن يجردنا منه.

فالدفاع عن الوطن دفاع عن وجودنا وهويتنا وإنسانيتنا. سلاحنا في ذلك هو إيماننا، وتحرير عقولنا من أوهام شعارات رزح تحتها العقل طويلا، وثبات أقدامنا على أرض "المواطنة" حيث يدخل، يشارك، ويتكاتف كلٌ من الوطن والمواطن في عملية إعادة تأهيل وبناء واحتواء.

نعم.. الوطن في أمس الحاجة إلى إعادة تأهيل وبناء بعد اختطافه ردحا من الزمن من قبل شياطين الظلام، والتغلغل في مفاصله الأساسية والمحورية للبقاء. الوطن في أمس الحاجة إلى التفاف المواطن حوله في أخطر عملية يواجهها وهي عملية التطهير والتطهر منهم ومن ذيولهم ومن آثارهم.

وكذلك المواطن.. إنه في أمس الحاجة إلى إعادة تأهيل وبناء بعد تضليله وتغييبه عن حقيقته القرآنية، وهي العقل، وأنه خُلق ليعقل ويتفكر ويتدبر ويتأمل. نعم لقد اجتهد شياطين الظلام في تحويل وجهة انتمائه من نور الحياة إلى ظلام الموت حياً. ولكن الله سبحانه وتعالى أفسد مخططاتهم الشيطانية وفضحهم وأنقذنا.. وطنا ومواطنين.

وأتأمل حاضرا أعيشه بكل فخر وسعادة مع وطن يحتفل.

وأتساءل كيف ستقرؤه الأجيال القادمة؟ خاصة من لم يعش منهم أو يشهد مرحلة مخاضه، ولم يكن معاصرا لمخاطر، وخطورة، وجرأة قرارات الانتقال والتحول من مجتمع حُجر عليه وعلى مواطنيه بحرمانهم من الحياة الطبيعية وحرية التنفس.. إلى مجتمع يتنفس برحابة وبشكل طبيعي.

وطن ينطلق للبناء، يسابق الريح وليس الزمن فحسب، مستعينا بعقول شبابه وشاباته، ومعينا لهم على تحقيق طموحاتهم وتحويل أحلامهم إلى واقع يعيشونه ويلمسونه.

ومواطن ينطلق إلى الحياة مُشاركا ومبدعا ومتفانيا..

واستوطن وطني من جديد..

نقلا عن الرياض