يخبرنا مانشیت «الوطن» لیوم السبت الماضي أن تقبل الاختلاف ركیزة مناھج التعلیم الجديدة، وأن
ھیئة تقويم التعلیم والتدريب وبمشاركة عدد من الخبراء والمختصین في وزارة التعلیم والجامعات،
كشفت أن معايیر المناھج الجديدة تتضمن 10 مرتكزات، منھا تعزيز التعايش الإنساني وتقبل الاختلاف
.لدى جمیع الطلاب
.كنت أتمنى ھذه الخطوة منذ زمن بعید، ولكن كما يقال أن تأتي متأخراً خیر من أن لا تأتي أبداً
نعم، ھي خطوة قوية وممیزة باتجاه إزالة المظاھر الإقصائیة التمییزية بیننا كمواطنین ومقیمین، خاصة
وأنت تتصفح مواقع وسائل التواصل الاجتماعي ستشاھد الكثیرين المصابین بداء العنصرية، وقد لاكت
ألسنتھم حوارات التطرف، ولا يتوارون خجلا من ذلك كله، خیر لنا أن نعترف، فذلك ديدن المجتمعات
الواعیة والمتقدمة أن نقولھا بكل صراحة، التمییز يسكننا، والإقصاء يستھدفنا ضد بعضنا بعضا، نحن
مجتمعات مقسمة أفقیاً وعمودياً، وكلما ازداد التقسیم ازدادت البغضاء وتراكمت الأحقاد، وكل ذلك
.ينعكس على الأمن والاستقرار
تأتي أزمتنا الحقیقیة في مجتمعاتنا من حقیقة فشلنا في التعامل مع حق الاختلاف، وفي إخفاقنا في
طرق تقديمه وعرضه، فالناس عندنا لا ھي قادرة على تحمل وجھات نظر الآخرين حول أطیافھم
ومذاھبھم أو حتى معتقدھم المعرفي والفكري، ولا على إسكات أنفسھم عن نقد معتقدات الآخرين
.ومذاھبھم، يعطي كل منا الحق لنفسه في نقد الآخر بحدة، وفي ضرب الآخر إن ھو انتقدنا بذات الحدة
وھنا أقول لوزارة التعلیم تعزيز التعايش الإنساني وتقبل الاختلاف يجب أن يعطى أولاً للمعلمین، فھم
.بحاجة لھذه الجرعات الإنسانیة كونھم سینقلونھا للطلاب
.ولكن السؤال الأھم: ما ھي الآلیات؟ وكیف سنقنع المعلمین بجدوى الاختلاف؟
في نظري ھذا التراشق المجتمعي سببه الواقعي ھو القصور في فھم مبدأ الاختلاف، لن ننجو من ھذه
التموجات إلا باستخدام الداء بحد ذاته كدواء، قوة التسلیم والقبول الداخلي لكل ما ھو كائن بدون أي
تحفظات، إنه مبدأ الاختلاف العظیم الذي إذا فتح مظلته فھو يستوعب الجمیع، الأبیض والأسود، الیمیني
والیساري، اللیبرالي والأصولي، السني والشیعي، في مظلة الاختلاف، الجمیع على حد سواء، حتما
ستشاھد ما تكره وربما ستسمع ما تكره، تذكر ھنا أن سلیقتك الإنسانیة التي خلقك الله علیھا أن
.تتجاوز كل ذلك من أجل الوصول لشھد الاستقرار الإنساني
ھي أشبه بدورات الیوغا الروحانیة أن تدرب نفسك على أن تدافع عن الرأي الذي لا تقبله، إنھا قوة
القبول أن تدرب نفسك على أن تبلع ما لا يستطیع قلبك أن يھضمه وعقلك أن يقبله وعاداتك وتقالیدك أن
.تستسیغه، تجاوز السلوك وكأنه لم يكن
ھي قوة تجعلنا ندير ظھورنا عن الكلام الفاحش، ونولي وجھنا شطر الناس، فنتحدث معھم دون إشارة
للفحش الذي قیل، نؤلف الكتب ونخط المقالات وننشر الدراسات ونعقد الحوارات والنقاشات بحیث لا نجر
الناس إلى شتائم الكروان بل لحديث العقلاء. تلك ھي الطريقة الوحیدة التي يمكن بھا أن نقضي على
.عنصرياتنا الكاتمة على قلوبنا وأكبادنا
نقلا عن الوطن السعودية
التعليقات 1
1 pings
غرم الله قليل
22/05/2019 في 4:33 ص[3] رابط التعليق
الحل في أن يكون الذين تسند اليهم بناء المناهج ممّن عُرِف عنهم الوسطية ويقبلون ما يسعه الخلاف/الاختلاف ..
لابد من التسامح .. وإنْ لّم نتسامح سنصنف – رضينا أم أبينا حسب المعايير العلمية – من المتشددين .. فنحن بالخيار ..