اذا شب الفتى عشرين عاما
ولم ينطح هموم المكربات
فـلا تـفـرح بـه إن قيـل حيا
ولا تبـك عليـه إن قيل مات
شعر كنت أسمع أبي - رحمه الله - يردده إذا ما وجد من يتكاسل في طلب الرزق أو ركن للدعة. لم أكن أعلم من قال هذا الشعر، وهل كان للتقريـع أم لاستنهاض وترقيع الهمم. لكن فيه حكمة تشي بألم أكثر من أمل.. وبعد بحث ثنيت فيه الرسغ أمام شاشة حاسوبي طالب علم عند الشيخ الرئيس غوغل وجدت أن ذلك كان من أعمال المسرح الشعبي الذي كان مسار السمر في ماضٍ من الزمان حين كان الأجداد والآباء يتداولون فيه حكايات لها بدايات وليس لها نهايات رغم تعدد المخرجين وتزايد المرويات.
وجدت في مسار التلقي أن روايات في شبكة منتديات عدة تنسب الشعر إلى شيخ طلعة من بني شهر القبيلة التاج في سنا رجال الحجر من قبيلة آل دحمان تنومة يقال له ابن دحمان، توفي في السبعينات الهجرية رحمه الله. كان فارساً وشجاعاً. وما زال شعر ابن دحمان متداولاً في مسرح اليوم الذي ما برح خارج المنهج الدراسي، ولهذا كنت أستمتع بالسرد القصصي من روائع المسرح الشعبي من أبي ومن عايشه من أجيال الأنوار رغم قلة الإمضاءات، فقد كان السمر إما حكايات أو أنغام ناي أو رنـة صخر بطرق جبلي أو تهامي. اشتهرت مقولات كثيرة تنسب إلى ابن دحمان التنومي بها مرويات وروايا من الحكمة والأمثال.. وهناك مرويات عن بيت ابن دحمان يختلف فيها الروي والعجز والصدر لكن بقي المعنى ملقى على الطريق يلتقطه من شاء.. فهكذا هو العلم وأهل العلم إلى شب الفتى عشرين عام.. ولا يمـلا صدور المكربـات، ولا يـدرى بـه إلى عـاد حي.. ولا يـبكي عليه الى قيل مات.. فلعل هناك من يبحث في الزوايا والخفايا لمزيد من التنوير للأجيال وإثراء لموروث شعبي يتماهى مع بقية كل ما في الوطن من مفاخر لطيب الحياة.
بالتزامن مع صحيفة الرياض
التعليقات 3
3 pings
غرم الله قليل
26/09/2019 في 9:13 م[3] رابط التعليق
يا سيدي يشفع لابن دحمان أنه من أهلنا الكرام بني شهر – ليس ذلك فقط ولكن يشفع له أنه “تنومي” أيضا .. من لا تشفع له تنومة فليراجع حواسه ومشاعرة وحاسة الجمال لديه .. لو ما في “تنومة الخير” إلا العم “دحدوج” الشهير بمتحفه التحيف ، وكرمه الأصيل لكفى تنومة فخرا .. تنومة – والدي الكريم عند كثير من الذين يعرفونها – من (خلق الآخرة وليس الأولى) ..
ألم تسمع بالشاعر الشعبي – الذي يقال أنه أسمري – الذي وقف على الأطلال وقال :
(*) يا جبال الظهارة سلميلي على منعا // وان منعا تسلملي على وادي تنومة (*) ؟
واستمع كذلك للبدع والرد بين شاعر شهري وشاعرة شهرية مشهررة بقرض الشعر الجميل ..
البدع :
(*) يا اهل وادي تنومة سنعوا للماء مجاري // من دموع الذي فارق حبيبه وقت عصرا (*)
الرد :
(*) حالتي في خطر وآظن من علمٍ جرى لي // عند “باب الدوا” صليت انا ظهرا وعصرا (*)
—
اذا شب الفتى عشرين عاما
…
…
…
…
غرم الله قليل
27/09/2019 في 2:00 ص[3] رابط التعليق
صاحبك الشاعر يرى في ممارسة الشقا رجولة .. أنا لست مع صاحبك الشقاوي ..
غرم الله قليل
30/09/2019 في 3:16 م[3] رابط التعليق
أما قول ابن دحمان – أظنه يقرب للعم دحدوخ – الذي يقول فيه :
فلا تفرح به إن قيل حيا
ولا تنكِ عليه إن قيل مات
فلنا عليه اعتراض كبير .. هل لابد من المكابدة والشقا والتعب لكي يصبح المرء رجلا حسب مواصفات ابن دحمانك ؟
لم يكن الشقا والمكابدة والمعاناة هي المعيار ليقال فلان “فارس” لأنه كابد (survival) ، وعلان “فريريس” لأنه ابن نعمة وراحة ..