اعتاد الناس الإشارة إلى الصحافة بأنها السلطة الرابعة، تأكيدا لما لها من تأثير ملموس في المسارات السياسية والاجتماعية والثقافية والفكرية في
المجتمع. إلا أنهم في الآونة الأخيرة أخذوا يرددون أن الصحافة فقدت سلطتها وأنها في هذا العصر لم تعد كما كانت من قبل صاحبة الصوت القوي والنور
المضيء.
والقائمون على الصحافة أنفسهم يدركون ذلك، لذا هم يردون معتذرين بأن الصحافة الورقية أضر بها الإعلام الإلكتروني الذي يسبقها إلى كل جديد ويعرض
عبرها كل ما يشاء بلا حسيب أو رقيب.
لكن هذا القول إن صدق في نطاق نشر الأخبار ومتابعة المستجدات، فإنه لا يصدق في النطاقات الأخرى كالتثقيف ومعالجة القضايا المهمة وقيادة الرأي
العام، وما أرجحه هو أن الصحافة نفسها تخلت طوعا عن أداء دورها السلطوي الكبير الذي كانت تقوم به أيام مجدها وسطوتها، ربما نزولا عند أسباب مادية
أو سياسية أو غير ذلك.
إلا أن تخلي الصحافة عن سلطتها، جعلها تتهاون في قضايا كثيرة كانت بمنزلة حجر الأساس في فرض السلطة، مثل الاستقلال الفكري للصحافة، فكثير من
الصحف الحالية لا تحمل فلسفة واضحة، ولا رؤية ورسالة محددة تسير في ضوئها وتتقيد بها.
ويلحق بذلك تهاونها في اختيار نوع كتابها، فمن قبل كانت الصحافة تختار كتابها من قادة الفكر والمعرفة الواسعة والثقافة العالية والرأي المستقل، أما
الآن فتجدها تفضل الكتاب الأكثر قدرة على إثارة الجلبة وإيقاد النزاعات والمهاترات بصرف النظر عن أي اعتبار آخر، فنتج عن ذلك أن تحولت التحليلات
والتعليقات على صفحاتها، إلى معارك لفظية وتسابق إلى التراشق بألفاظ السباب، في براعة تبز ما هم عليه صبية الحارات. وانحصرت الدعوات الإصلاحية في
توجيه التقريع واللوم لقادة المؤسسات الاجتماعية وقذفهم بالاتهامات والتقصير. كما استحالت الثقافة التي تطرحها الصحف على صفحاتها، إلى نشرات
من الإشاعات والتفاهات والأخبار المثيرة والكتابات الساذجة، فلا نقاشات علمية، ولا مساجلات ثقافية، ولا جدل فكريا، ولا قراءة كتب، ولا أحاديث عن الجوانب
الجمالية والفنية، لا شيء من ذلك مما تزخر به الحياة الثقافية.
بعد أن كانت الصحافة ساحة تنبض بالحياة الفكرية والمعرفة العلمية والثقافية، اكتفت بأن تكون مجرد ترس يدور مع العجلة.
إني أجد الصحافة في حاجة إلى خلوة مع الذات، تتأمل خلالها ما آل إليه حالها من الركود والهوان بعد أن كانت مرجعا رئيسيا للحراك الاجتماعي والسياسي.
نقلا عن عكاظ
- جائزة الشيخ زايد للكتاب تفتح باب الترشح لدورتها التاسعة عشرة 2024-2025
- القمة العربية في البخرين نحو تعزيز التضامن العربي ومواجهة التحديات المشتركة
- إنشاء 17 جامعة تكنولوجية جديدة في مصر
- اللجنة الفنية السعودية – المصرية للنقل البحري والموانئ تختتم أعمال اجتماعات الدورة الثامنة
- بنك التصدير والاستيراد السعودي يوقّع اتفاقيتين لتمكين الصادرات السعودية غير النفطية
- تحت رعاية ولي العهد«سدايا» تنظم القمة العالمية للذكاء الاصطناعي سبتمبر المقبل
- انطلاق الاختبارات الوطنية “نافس” في جميع مدارس المملكة للمرحلتين الابتدائية والمتوسطة
- مدير وكالة ناسا يزور السعودية لبحث التعاون الفضائي
- خبيرة أممية تدين قمع حرية التعبير في الولايات المتحدة
- هونغ كونغ والسعودية تبحثان إنشاء صندوق لتتبع مؤشرات الأسهم
د عزيزة المانع
السلطة الرابعة بلا سلطة !
وصلة دائمة لهذا المحتوى : http://www.alwakad.net/articles/1930355.html