إنهم رجالٌ ونساء ، مخلصون غيورون ، يحبون وطنهم ويحبون له الخير ، ويملكون من الحس الإنساني الرفيع ، والعواطف الرقيقة الجياشة ، وقبل ذلك الصبر والجلَد وتحمل الأذى ، ما أهّلهم لخوض معركة لا هوادة فيها ، معركة ذات أهداف سامية ، وغايات نبيلة ، تأمر بها الشريعة الإسلامية ، وتؤكد النصوص من الكتاب والسنة أن أهلها من أحظى الناس برحمة الله ومغفرته ورضوانه ، وأنهم أكثر الناس سعادةً لأنهم قدّموا السعادة للآخرين .
وفي زمن شذ فيه كثير من المرضى بالقسوة والوحشية والدموية ، ورفعوا راية جهاد مزيّف يوافق ما في أطباعهم ونفوسهم من إجرام وغلظة ، فأفسدوا في الأرض، وأهلكوا الحرث والنسل، وسفكوا الدماء المعصومة ، وظنّوا أنهم سائرون إلى الجنة ، ونسوا أو تناسوا أن الله لا يُحب ُ الفساد .
وفي الجانب الآخر وقف أناس أنقياء ، لا يملكون إلا قلماً في صحيفة ، أو منصة برنامج إعلامي ، مسموع أو مرئي ، فحولوها إلى منابر جهادية توصل ُ صوت من لا صوت له ، وترفع حاجة َ من لا نصير له إلا الله ، وتضيء شموعاً في أرجاء الوطن ، وترفع ُ أعمدة ً تحفظ سماء الرحمة والعدالة وتقوي أركانها . حتى أصبحوا أسماء مشرقةً في ميدان جهاد شرعي حقيقي ، قوامه الرحمة لا القسوة ، والإصلاح لا الإفساد .
استنطقوا ألسناً طالما أخرستها مرارة الحاجة ، وأحيَوا أرواحاً كانت في طريقها لموت الأمل ، وفتحوا أبواباً عتيدة أوصدتها البيروقراطية التي لا تسمع ُ ولا ترى، ولا تُحس .
وفي عهد الإصلاح الميمون ، وجد هؤلاء المجاهدون قائداً امتلأ قوة ً ورحمة ، وحكمة ً وصدقاً ووضوحاً ، وعزيمة ً صادقة ً للمضي في طريق الإصلاح ورفع قيمة الإنسان وجعله المحور الأول والأساس لكل مشروع ٍ إصلاحي أو تنموي . فكانوا جنوداً مخلصين في قافلته ، واستلهموا غاياتهم من غايته ، وأهدافهم من هدفه الأسمى ، وترسّموا طريقه في الشفافية والشجاعة على الاعتراف بالخطأ وكشف موضع الخلل.
وتقاسموا بينهم خارطة الهموم الإنسانية فتعهد كل ّواحد منهم بموقع ألم لمداواته ، فكان منهم من انبرى لهموم المستهلكين وقضاياهم ، وفضح كل ألاعيب وحيل أعداء المستهلكين ، وعرّى كل ّ تقصير وخطأ لأي مسؤول فرّط في أمانته تجاه هذه القضايا . ومجاهد آخر تفقد هموم الفقراء والمحرومين ، وفتح لهم منبر برنامج ٍ إذاعي ٍ يتصل ُ بهم ويتحقق من شكاواهم ويوجه أسئلتهم التي حارت في طريقها فلم تدر ِ أي باب تطرق ، حتى ما تكاد حلقة من حلقات برنامجه الجهادي تخلو من اختلاط دموع وعبرات الشاكي المحتاج بدموع المذيع المجاهد بدموع وتفاعلات المستمعين من ذوي القلوب الرحيمة .
وهكذا محررون صحفيون مجاهدون حملوا أقلامهم وكاميراتهم في كل شبر من أرض وطننا الغالي ، يرصدون الخلل ويتفقدون القلوب المنكسرة والقضايا العادلة المتعثرة .
وما تسمع أو تقرأ لأحد من هؤلاء الإعلاميين المجاهدين إلا تأكيداً بأنهم يلقون كل الدعم والمؤازرة والمتابعة المباشرة من خادم الحرمين الشريفين « أيده الله وحفظه « ومن سمو ولي عهده الأمين « حفظه الله « حتى أصبح المسؤولون في الإدارات الحكومية والمرافق الخدمية على فريقين ، فريقٍ انضم ّ طائعاً إلى هذه القافلة الإصلاحية ، ووعى الدرس جيداً ، فصار يتعاهد إدارته ويتحاشى التقصير ، وفريقٍ تأخر في الاستيعاب وتبين أنه لا يملك من القدرة ما يُمكّنه من مواكبة متطلبات هذا التوجه الوطني الإصلاحي ، فأصبحت تتخطفهم أقلام وكاميرات المجاهدين حتى تسقطهم واحداً تلو الآخر ، في تفاعل ٍ وانسجام ٍ بديع بين القائد الملك الإصلاحي، وبين جنوده الذين عرف فيهم الصدق والنصح ، وأنهم لا يريدون إلا خير الوطن وسعادة المواطن ، فمنحهم الملك الصالح ُ ثقته وفتح لأقلامهم قلبه .
إنه لولا هذا التوافق والانسجام بين الملك ووسائل الإعلام ، وثقته « أيده الله « وترحيبه بما تنقله من أصوات المواطنين وحاجاتهم ، لولا ذلك لكان دور تلك الوسائل مقتصراً على فضح الفساد وكشفه ، دون القدرة على وضع حدّ له .
لقد توالت في عهد الملك الإصلاحي الصالح انتصارات ُ هذه المعركة الجهادية ، والاعتراف والتكريم لجنودها ، وذلك من خلال العديد من القضايا الوطنية الإصلاحية والتنموية التي ساهم الإعلام مساهمة ً فاعلة ً في تحقيقها ، وصدرت الأوامر السامية الكريمة إلى كل الوزارات والإدارات الحكومية بالتجاوب مع الإعلام والرد على ما ينشر فيه حول أدائها .
ومع كل تقدم ٍ وإنجاز ٍ تحققه هذه الجهود الخيّرة ، ما نزال نحتاج إلى الكثير منها ، ونحتاج ُ قبل ذلك حاجة ً ماسة ً إلى تأهيل وتدريب الإعلاميين على التعاطي مع مثل هذه القضايا ، لأن من الضروري أن يتم ذلك بمهنية ٍ عالية ، ووفق ضوابط تضمن تحقيق المصلحة دون إحداث ِ شروخ ٍ في جدار الوطن في أمنه واستقراره ، ودون أي انتقاص من منجزاته وما يشهده من تقدم ٍ وإصلاح ٍ لا يجوز أن تُستخدم تلك البرامج والجهود لتشويهه أو بخسه حقه .
وإلى كل إعلامي ٍ مجاهد أزف البشارة بالأجر ، وأدعو الله أن يجزيهم عنا خير الجزاء ، بقدر ما جلبوا سعادة ً وفرّجوا هماً وكشفوا عن موضع فساد ، وأعانوا على إصلاح .
والحمد لله أولاً وآخراً هو سبحانه حسبي ونعم الوكيل .
نقلا عن الرياض