يبدأ بعض الأصدقاء العرب حديثهم حول مستقبل «القيادة» في بعض الدول العربية متسائلين في تعجب يائس: ماذا سنخسر أكثر من ما خسرناه؟. ويسترسلون في الحديث لدعم أفكارهم وخيالاتهم قائلين: (لقد تقدم الإسلاميون في الانتخابات البرلمانية الشعبية في المغرب وتونس ومصر، والآن مرشح الجناح السياسي للإخوان المسلمين الدكتور محمد مرسي ينافس بقوة على «الكرسي» الأهم في أكبر دولة عربية.. وستنقلب المفاهيم وموازين القوى لو قررت «دول العالم» وضع يدها في يد «الإسلاميين» من الإخوان والسلفيين بعد أن تدرك أنهم اختيار «الشعب». فيصبح حينها لزاما خوض تجربة «الحكم الإسلامي»). ولا شك أبدا أن «الإسلام» كدين رباني ومنهج سماوي هو الأصلح والأمثل ولكن تبقى دائما «المشكلة» في «التطبيق» وفي «الأشخاص» القائمين على هذا «التطبيق»، وهنا تكمن «المعضلة»، فلا أحد عاقل يشكك في تعاليم «الإسلام» أعظم الأديان وهو الوحيد من الأديان السماوية الصالح لكل زمان ومكان وإنسان. ولكن كيف تطبق التعاليم وكيف تفسر ومن الذي يطبقها ويفسرها وما هي نواياه وتوجهاته؟، هنا تكمن الأسئلة الكبيرة والاستفهام والتعجب حول قضية «الإسلام السياسي». وقد شكل فوز الإسلاميين بشقيهم «الإخوان» و«السلفيين» في الانتخابات البرلمانية المصرية بداية مرحلة جديدة في تاريخ مصر. وهو بمثابة صفحة جديدة يبدأ منها تدوين التاريخ الحديث ما بعد «الربيع العربي». وما سيفعله هؤلاء في الحكم إضافة لعملهم وحجم إنجازهم وتنفيذهم لوعودهم سيكون حدثا «مفصليا» في تاريخ «الإسلام السياسي» ويبقى الوصول للقمة ربما متاحا، ولكن الثبات والنجاح وإثبات الوجود على هذه القمة هو «التحدي» والامتحان العسير. لذلك يبقى السؤال: هل ستستمر ثقة المواطنين في «الإسلامويين»؟. وللأسف إن كثيرا من الشباب العرب الثوريين المتحمسين والمتفائلين بالثورات التي صنعوها بيدهم ودمائهم في «لحظة انفجار» من وضع «مرير» يخلطون الأمور في قضية تولي التيار الإسلامي لمقاليد الحكم ما بعد الثورة، وهناك من يتناسى في غمرة فرط الحماس أن حكومة «طالبان» مثلا كانت قيادة على حد قول البعض «إسلامية» على طريقتها، وكلنا نعرف نتيجة هذه القيادة وإنجازاتها الغائبة معروفة. إيران أيضا لديها قيادة تقول إنها «إسلامية» ودور «الشر» الذي تلعبه إيران في المنطقة معروف ولا يحتاج لتفسير، وللأسف فإن القيادة «الإسلامية» التي تتولى الحكم في إيران جاءت على «جناح» ثورة شعبية مماثلة قام بها الشباب الإيرانيون ودفعوا ثمنها من دمائهم، وكأن التاريخ يتشابه أو يعيد نفسه ولكن هذه المرة في دول عربية تتوق لربيع عربي تحول لربيع «الإسلام السياسي» الذي يخشى من أن يحال إلى «كابوس» حالك السواد في مستقبل المنطقة .. وللأسف أن يكون قدر بعض الشعوب العربية الاختيار بين نظام «قمعي» ديكتاتوري يأتي عبر الانقلاب العسكري أو نظام متشدد يأتي بالثورة الشعبية التي تدغدغها خطب «الإسلام السياسي». والصحيح أن الشعوب العربية عليها المطالبة والتمسك بقيم «دولة مدنية» متحضرة تحمل تسامح ورقي وعظمة الدين الإسلامي مع احترام حقوق البشر جميعا بكافة ألوانهم وأعراقهم وأديانهم، تقوم على أسس القيادة المتحضرة سياسيا والمتسامحة دينيا، والعالم العربي به ما يقارب 30 مليون مسيحي منهم 10 ملايين في مصر وحدها. لذلك فإن قيام دولة متشددة إسلاميا مثل طالبان ودولة الخميني في إيران لن يكون أمرا مقبولا ومنطقيا. لأنه ليس أسوأ من الدولة البوليسية القمعية سوى الدولة المتشددة دينيا.. والثوار فعلوا أمرا مهما لكنهم سيخربون ما فعلوا لو اختاروا اختيارا خاطئا عبر الصناديق وسمحوا لأرباب «الإسلام السياسي» باختطاف قيم الدين الأعظم ومستقبل دولهم.
نقلا عن عكاظ
- اتحاد الكرة في الكويت يستقيل
- التضخم السنوي في السعودية يسجل 1.6% في أغسطس
- هل تتجه السعودية لاستخدام اليوان الصيني في مبيعات النفط؟
- اتفاق سعودي قطري لتبادل المعلومات الأمنية
- لبنان يطلق مناقصة لبناء محطة للطاقة الشمسية
- الطلاب يعودون إلى فصولهم بدون هواتف محمولة
- اجتماع عربي لاتيني لدعم حصول فلسطين على العضوية الكاملة بالأمم المتحدة
- في نيوم عبور المسافرين للجوازات سيكون ببصمة الوجه وخلال 10 ثوان
- مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية يدشّن “كرسي اليونسكو لترجمة الثقافات”
- الأمم المتحدة قد تصوت على قرار لإنهاء الوجود الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية
الربيع العربي والإسلام السياسي
Permanent link to this article: http://www.alwakad.net/articles/74232.html