من المؤلم حقاً أن تكون في بلد تتوفر فيه جميع مقومات الاستثمار الآمن والطلب الحقيقي على المشاريع التنموية من مساكن ومدارس ومستشفيات ومصانع ومعاهد.. مقابل تقاعس القطاع الخاص ومستثمريه مؤسسات وأفرادا ممن يتمتعون بكافة الامتيازات التي جعلتهم يكنزون مئات الملايين ومليارات الريالات في حسابات مجمدة او في اراض بور.
تعطلت التنمية وارتفعت الاسعار والكل يشتكي، عندما يشتكي المواطن من نقص خدمة او ارتفاع الاسعار فهذا من حقه وواجب الجهات المسؤولة حمايته، المصيبة عندما تأتي الشكوى من مستثمرين أفرادا ومؤسسات عن بيروقراطية بعض الجهات الحكومية وعدم وجود أنظمة وضعف التمويل والكثير من الحجج الواهية.. معظم مشاريع القطاع الخاص التي أعلن عنها يمارس فيها التضليل الاعلامي والإعلاني ويمضي سنوات وهي لم تبدأ ولم يتم الحصول حتى على التراخيص من الجهات الحكومية.
هي مشاريع وهمية الهدف منها رفع قيمة الارض وتضخيمها اولا، ثم تسويق الاراضي والمخططات المجاورة التي هي أصلا ضمن ملكية هذه المشاريع او لحلفاء الشركة ومساهميها، ثم اصطياد صغار المستثمرين ممن يجهلون خفايا ونوايا أصحابها ولكي يكتمل الهدف ويتحقق.. يتم ايهام المستفيد النهائي بهذه المشاريع ليلهث خلفها والبحث في المناطق المجاورة بأعلى الاسعار.
كثير من مشاريع الوهم التي سمعنا وقرأنا عنها خلال السنوات الماضية تحولت الى مضاربة بالأراضي دون تطوير، والحجة جاهزة بأن الجهات الحكومية هي سبب تعطيل المشروع بينما ما خفي كان أعظم.
الأسبوع المنصرم كنت في حضور عقاري بمعية مطورين عقاريين على هامش سيتي سكيب، وتحديداً في حفل تدشين ضاحية سمو بالتعاون بين شركة البلد الأمين وهي حكومية تابعة لأمانة العاصمة المقدسة وشركة سمو للتطوير العقاري.. وكالعادة حضر تجار الاراضي وبعض مشاريع الوهم واستلموا الميكرفون وأثاروا أسئلة محبطة وانتقادات موجهة لأمانة العاصمة المقدسة وللشركة المطورة والتأخير في المشروع ولم يبخلوا بتوجيهاتهم وتوصياتهم الكريمة بعمل كذا وكذا مع أنهم لم يطوروا مشروعا سكنيا واحدا ويملكون من الاراضي والمخططات التي لا تعد ولا تحصى اشتروها بثمن بخس بانتظار تثمينها أو بيعها.. بينما مشاريعهم خارج حدود الوطن حيث الاستثمار الحقيقي ولا مكان للوهم.. كما أن الشروط والضرائب والرسوم تحد من أرباحهم الفلكية التي يقتاتون منها داخل وطنهم دون أن يقدموا شيئا يذكر سوى الانتقاد والظهور الاعلامي في المناسبات والمعارض. أقول لفلاسفة التطوير العقاري إما العمل أو الصمت.. ولعله حان وقت فرض رسوم وضرائب على مثل هؤلاء لإجبارهم إما على التطوير او البيع.
نقلا عن الرياض