** لعلَّ ما يجدرُ نقاشُه والعنايةُ به الآن هو الهُويةُ من حيث تجذيرُها وتأصيلُها والحفاظُ على استقرارها، والمؤسف في الوقت نفسه أن متصدري الصراعِ المؤدلج أوقدوا ويوقدون الفرقةَ بين التيارين الغالب والمغلوب، ويضعون الناسَ في مرمى اتجاهاتِ انتماءاتهم كما ارتماءاتهم، والمسافة بين الانتماء والارتماء سيكون ناتجُها مزيدَ جدلٍ يورثُ تنافرًا وتدابرًا وكراهية، وهنا مبحثٌ مهمٌ حول قضية الهُوية التي تستحق طرحًا يوازي رؤية المفكر المغربي البارز الدكتور طه عبدالرحمن 1944- حين صنّفها إلى ثلاث هُوياتٍ: صماءَ متمحورةٍ حول الذات، ولينةٍ منفتحةٍ على الآخر، وسائلةٍ مستلبةٍ من الآخر، ومن الجليِّ وقوعُ الخصام بين الهويتين الأولى والثالثة فكان ما كان، وما هو كائنٌ، وربما ما سيكون.
** بدا (عبدالرحمن) أكثرَ واقعيةً في طرح قضايا الهوية من الدكتور محمد عابد الجابري 1935 - 2010م في نظريته حول « العقيدة والغنيمة والقبيلة» امتدادًا وارتدادًا وتغير تراتبيتها بين الأزمنة، ومن أمين معلوف 1949- في قراءته للهويات القاتلة؛ فمنطلقاته مختلفةٌ مركزةٌ على الهوية الفردية، ونتطلعُ إلى عدم اقتصار حواراتِ رموز المرحلة الماضية والحاضرة على التصدّي من جانبٍ والتحدي من جانبٍ آخر.
* لا نحتاجُ إلى استقراء التأريخ فقد شهدناه، ولا معنى لاستقاءِ تجارب تناطحتْ وتطاحنتْ، والالتفاتُ إلى أجيال اليوم التي تخلصتْ من ضيق الأدلجة وعبث البرمجة سيقودُ هوية الوطنِ في الاتجاه المرنِ نحو الغد المنطلق.
** الهوى ظنٌ والهويةُ وطن.
نقلا عن الجزيرة