بعد أن خلع كامل وعيه وثقافته وآدميته خارج القاعة..ارتدى أبو صالح بردة عنصريته وتقلد سيف طائفتيه وعصب رأسه بمناطقيته وتوشح بمذهبيته..ثم دخل إلى قبة المجلس راكباً خيل القبيلة ومنتفشاً كالطاووس..يحمل في جيبه بطاقة تقول إنه(سعودي)..ويصوت ضد مشروع نظام يحمي وحدة الوطن السعودي.
أبو صالح هذا يا سادة لا يرى في العالم كله مسلماً غيره..ولذلك لن يقبل أي قانون يشرك معه بقية المواطنين في الإسلام وفي الوطن..يريد أن يبقى(على كيفه)يخرج من الإسلام ومن المواطنة من يشاء وقت ما يشاء ويصنف كيفما يشاء..فهذا شيعي وذاك صوفي وذاك مميع وذلك فاسق والآخر فاسد..إنه تكفيري بامتياز..ولو اختلفت معه حول ما إذا كانت(الميرندا)ذكراً يجوز شربها أو أنثى يحرم تناولها لأخرجك من الإسلام..فما بالك عندما تكون مواطناً من مذهب آخر أو من طائفة أخرى..(يا لطيف)!.
أبو صالح يرى أن سلالته هي الأنقى والأطهر وأنه أشرف الناس قاطبة بعد الأنبياء..ويرى أن قبيلته هي(الأهيط)على الإطلاق والأكثر ولوغاً في الدماء والسلب والنهب..ولذلك فإنه لن يقبل أي سعودي من عرقية أو قبيلة أخرى يشاركه المواطنة..فالآخرون بالنسبة له(طرش بحر)مجنسون..بقايا حجاج..زيود..عبيد..صناع..نَوَر..بخلاء..جبناء..إلى ما لا نهاية..فهو السيد الوحيد والقبلي الوحيد في هذا الكون.
أبو صالح متشدد متنطع حزبي متعصب..لا يرى في الوطن إلا وثناً..وأن الوطن هو حيث بلغ الإسلام وحيث حكم الحزب..ولا يعترف بالحدود الجغرافية والسياسية للدول..وهو أكبر مروج(لحبوب)الأمة المخدرة..التي جعلت الابن يقتل أباه والأخ يعادي أخاه..ويصاحب ويدعم الحزبي الغريب بل ويذهب ليقاتل معه..إن الوطن بالنسبة لأبي صالح ليس سوى ضرع مؤقت لدعم الجماعة التي متى ما تمكنت قطعت الضرع والزرع وأعناق المخالفين.
أبو صالح يا كرام صوت ضد مشروع نظام حماية الوحدة الوطنية لأنه يعتبر نفسه المواطن الوحيد..وعندما(زنقه)الناس وحشروه في زاوية فوق خارطة الوطن الذي يتقاسمونه معه رغماً عنه..تفتق ذهنه عن مشروع آخر يخفف به من ردة فعل الناس ويرضي به طائفتيه ومذهبيته ومناطقيته..وهو مشروع مكافحة العنصرية..وكأن السعودية جنوب إفريقيا أو أمريكا القرن السابع عشر..أو كأن مشكلتنا هي التنابز بالألقاب والألوان فقط.
إن أبا صالح هذا هو نفسه من يصوت ضد كل مشروع إصلاحي يقدم إلى المجلس..وكأنه لم يأت إلى المجلس إلا ليقول لا.
وأكاد أجزم أنه أول من عطل مشروع قيادة المرأة للسيارة..ومشروع التحرش الجنسي..ومشروع حماية الطفولة ومنع زواج الصغيرات..وكل مشروع يأتي ليعطي الناس حقوقهم أو يحميهم من بعضهم..وكل مشروع يريد لهذه الدولة أن تصبح دولة حديثة.
أما حجة أبي صالح(البائتة)التي يكررها عند رفض أي مشروع هي قوله بأن الشريعة الإسلامية تضمنت ذلك الموضوع أو ذاك..ونقول له:صدقت يا أبا صالح..الشريعة الإسلامية تضمنت كل ما يدعو إلى الحق والخير والعدل..ولكن ذلك يحتاج تفصيلاً وتنظيماً وتبياناً للناس..وقد تضمن نظام المرور منع السرعة انطلاقاً من مبدأ إسلامي هو(ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة)كما أن القضاء الذي يعتمد بقضه وقضيضه على الشريعة تم تقنينه يا أبا صالح..فلماذا نراك تحتد وتتكئ على عذر الشريعة عندما يتعلق الأمر بمساواة المواطنين في الحقوق والواجبات ومعاقبة من يخل بذلك أو يدعو إلى الإخلال به..لماذا لا تعجبك حماية الوحدة الوطنية يا أبا صالح؟!وهل قرأت سيرة الملك عبدالعزيز وقصة توحيده لهذا الوطن دون أن ينظر للون أو نسب أو مذهب أي مواطن يا أبا صالح؟!
أخيراً دعوني أعرفكم بأبي صالح..
يحمل شهادتي دكتوراة..الأولى من جامعة هارفارد في العلاقات الدولية..والأخرى من جامعة أبي جهل في التخلف والعادات والتقاليد الجاهلية البالية.
أما قصته مع أبي عبدالرحمن وهما متكئان على جدار المسجد بعد العصر..وحكمه لنفسه بأنه المسلم الوحيد في هذا الكون فهي معروفة ومشهورة.