ثبت أن حصة الفرد العربي من القراءة نصف صفحة بالسنة، وبهذه الوجبة من المعرفة السنوية، تصبح الشعوب العربية قوائم عددية سهل تضليلها وتخديرها، وتمرير كل الموبقات السياسية عليها، وعليه فلو كنت سياسياً في الوطن العربي لما همني شغب المعارضة والنقد الصحفي للخدمات ولا هزني واشغلني ناقم على سياستي فإذا كانت حصة الفرد العربي من الاطلاع والقراءة (نصف صفحة بالعام الواحد)، أي ما يقارب عشرين سطراً، وهذا معناه أن عقل الفرد العربي تغيب عنه المعلومات الجديدة، ولا يعرف إلا جزءا من الأحداث الجديدة، ويمكن تمرير وتزوير التاريخ والدين والواقع عليه، وبالتالي فهو مغيب تماماً عن حقائق اليوم والليلة، هذا مع فقدان الفرد العربي للعقل الفاحص الناقد الذي يميز بين الخطأ والصواب وبين الصدق والكذب وبين الحقيقة والخيال وبين المبالغة والواقعية، إن الفرد العربي بهذه الحالة لا وجود له إلا كهيكل من العظم واللحم والكساء الذي يرتديه، إن أمام السياسي العربي مئة مليون فرد يعيش الأمية الحضارية حسب إحصائية المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الالكسو) والأمية الحضارية تعني عدم مقدرة الأشخاص المتعلمين على مواكبة معطيات العصر العلمية والتكنولوجية والفكرية والثقافية والفلسفية الايديولوجية والتفاعل معها بعقلية دينامية قادرة على فهم المتغيرات الجديدة وتوظيفها بشكل ابداعي فعال يحقق الانسجام والتلاؤم مابين ذواتهم والعصر الذي ينتمون إليه مؤمنين في ذات الوقت بمجموعة من العادات والتقاليد والمعتقدات الفكرية والممارسات السلوكية والمبادئ والمثل الاستاتيكية الجامدة التي تتعارض وطبيعة الحياة المتجددة على الدوام والتوافق.
فما الذي يزعج السياسي العربي من جموع من البشر تم تدجينها وتجهيلها عبر برامج صناعة الاذعان اليومي في الإعلام العربي حيث يتم صناعة اهتمامات وعقائد «المجموع البشري»، وإقناعه بما يشاء السياسي من التصورات والأفكار؟ و بناء رأي عام، يحوّل المجتمع إلى أكثرية مطيعة، تردّد ما تسمع، وتعتبر ما سمعت حقيقة لا شوائب فيها. وما الذي يضجر السياسي العربي ولديه إمكانات هائلة عبر مناهج التعليم التي تنتج (صناعة الإمعات) وتسحب من العقل وظيفته وتعيده صفحة بيضاء، يستطيع أبطال الإعلام أن يسطّروا فوقها ما يريدون. فلا داعي للانزعاج ولديك النخبة، التي تسوق وراءها جمهوراً معطوباً وحشوداً تسمع ولا تسأل، وهناك إضافة إلى كل هذا
(الريع الخطابي الإسبوعي) الذي مازال يستكثر من حضور أصم يميل إلى النوم، فيا أيها السياسي الجليل نم قرير العين، فالإعلام العربي أصبح بحق بكل وسائله افيون الشعوب.
ربما يضطر السياسي العربي للقلق، لو كان هناك إعلام حر غير موجه، ودين غير مسيس، وتعليم غير مؤدلج وفكر حر غير مقيد، ربما لو توفرت هذه الدوافع لدى الشعوب العربية، لكان لزاماً على النظم السياسية أن تعيد حساباتها في هيبة الجمهور، أما والحالة الراهنة في وجبة الفرد العربي من التعلم والقراءة نصف صفحة في العام، فأبشر بطول سلامة يامربع، ولأن الأمية ليست فقط في عدم القراءة والكتابة، بل هي على الحقيقة أمية غياب الوعي بالحقوق، لهذا أيها المتنفذ العربي اسعد فأمامك سنين ضوئية لكي تتمتع بالمقدرات والمكتسبات الوطنية لوحدك ولمن معك، وبما أن الديموقراطية من البدع كما قرر كثير من الفقهاء والعلماء المتخمون بخيرات السياسي العربي، فاسرح بالشعوب كما تشاء فهم الرعية وأنت الراعي، فلو كنت سياسياً في الوطن العربي لنمت ملء عيوني عن شوارد الهم، ليسهر الناس جراها ويختصموا.
نقلا عن المدينة
- غرفة أبها تنظم غداً “معرض الصناعة في عسير “
- خادم الحرمين الشريفين فحوصات طبية في العيادات الملكية في قصر السلام بجدة
- جائزة الشيخ زايد للكتاب تفتح باب الترشح لدورتها التاسعة عشرة 2024-2025
- القمة العربية في البخرين نحو تعزيز التضامن العربي ومواجهة التحديات المشتركة
- إنشاء 17 جامعة تكنولوجية جديدة في مصر
- اللجنة الفنية السعودية – المصرية للنقل البحري والموانئ تختتم أعمال اجتماعات الدورة الثامنة
- بنك التصدير والاستيراد السعودي يوقّع اتفاقيتين لتمكين الصادرات السعودية غير النفطية
- تحت رعاية ولي العهد«سدايا» تنظم القمة العالمية للذكاء الاصطناعي سبتمبر المقبل
- انطلاق الاختبارات الوطنية “نافس” في جميع مدارس المملكة للمرحلتين الابتدائية والمتوسطة
- مدير وكالة ناسا يزور السعودية لبحث التعاون الفضائي
لو كنت سياسيا في الوطن العربي
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.alwakad.net/articles/49702.html