دائماً أتساءل: لماذا يصرح بعض المسؤولين أن التأمين الصحي فيه مصلحة للمواطن في وقت يتمتع المواطن بنظام تمويلي حكومي لرعايته الصحية مجاني وشامل وكامل ودون حدود مالية.

النظام الأساسي للحكم (دستور المملكة المدني) كفل للمواطن مجانية الرعاية الصحية بشقيها الوقائي والعلاجي وعلى المستويات كافة كالرعاية الصحية الأولية وكذلك الثانوية من خلال المستشفيات العامة والمتقدمة من خلال المستشفيات التخصصية والمرجعية وإذا تعذر وجود علاج له في الداخل فيتم شراء الخدمة له من الخارج.

أعتقد أن هناك خلطاً في مفاهيم وأساليب تمويل الرعاية الصحية ونوعاً من التقليد غير الواعي لتجارب دول أنظمتها السياسية والاقتصادية تختلف عن المملكة فلكل دولة خصوصيتها السياسية في تعاملها مع مواطنيها، ومن نعم الله علينا أن قادتنا يحرصون على أن يكون المواطن محور اهتمامهم وأن يكون محفولاً مكفولاً في رعايته الصحية.. المهم قيادتنا تريد أن يتمتع المواطن بالصحة والعافية والسعادة وأن تكون حياته مجودة بعيداً عن إشغاله بموضوعات التمويل وكيف يتم الدفع مقابل الصحة ومن أين.. المهم أن يتمكن المواطن من الوصول إلى الخدمة بيسر وسهولة في أي مكان أو زمان وأن تكون ذات جودة عالية.

اليوم أصبح التأمين الصحي قضية وعمل من لا قضية أو عمل له، وأصبح كل واحد وكل شركة استشارية أجنبية تدرس وتدرس وتشغلنا بورش العمل ثم تكون الولادة دراسات ملونة توضع في الأدراج وتذهب ويأتي غيرها على الموال نفسه.. وأخيراً نسينا الخدمة وتحسينها ومعاناة المواطن من الوصول لها وتوزيعها المتوازن والمتوازي.

في بعض الأحيان نشعر بضعف الثقة في قدراتنا وفي تجاربنا المحلية ونلجأ إلى قص ولصق تجارب دولية قد تكون ناجحة لديهم ولكنها في آخر المطاف نتاج لاعتبارات سياسية ولمحاصصات حزبية ومزايدات انتخابية لا تعني لنا ولا تصلح لنا.. وعملية توجيه الانتباه بالحديث عن الهدر المالي على الصحة فيه تضليل والتباس وتقديرات ضبابية ومصالح شركات تأمين، فالتأمين التجاري محدود المنافع ويعزز التمييز بين أفراد المجتمع، بينما الصحة يجب ألا تمييز فيها لإنسان عن إنسان ويأتي ذلك عندما يصنف الأفراد حسب درجتهم الوظيفية من فئة VIP إلى فئة C.. وفي آخر المطاف هو مبلغ مستقطع سنوي سواء مرضت أو لم تمرض فسوف تدفعه.. أما أساليب التشغيل الحالية أو فكرة الصندوق الحكومي لتمويل الرعاية الصحية والمقترحة منذ سنوات فهو يقدم التمويل حسب الاحتياج، وما زاد يعاد استثماره للهدف نفسه وهو تطوير وتوفير الخدمة، وهذه صيغة من صيغ التمويل تحت مسمى التأمين الصحي الاجتماعي.