مرت ذكرى 11 سبتمبر(أيلول) الحادية عشرة أمس الأول، بكثير من التحليلات والرؤى. تابعتُ خلال الأيام الماضية العديد من الأفكار التي تتحدث أن الثورات العربية ستسهم في انحسار القاعدة. ويبدو أن من المبالغة الحديث عن خفوت القاعدة فضلاً عن نهايتها. استفاد التنظيم من الثغرات التي أفرزتها الثورات، وبخاصة الفراغ الأمني. ولنأخذ نموذج اليمن فقط لنجد أن القاعدة استأسدت كثيراً واستحوذت على مدن ومقاطعات! فهي لم تمت بل أعادت تشكيل نفسها.
خطر القاعدة على الخليج يأتي من نفوذها في امتداده الجغرافي؛ اليمن. هذه الأرض الشاسعة التي انفلتت وتقلّبت وسط استخدام السياسي في اليمن للتنظيم في خلق الموازنات التي كان يراها، تساهم في الحفاظ على بقائه في السلطة!
مطلع الثورات العربية كان هناك تحليل انتشر على نطاقٍ واسع، وخلاصته أن هذا الربيع الشبابي أنهى قيمة القاعدة، لأن الشباب باتوا يملكون القدرة على التغيير من خلال النزول للميدان، وبالتالي يسقطون الأنظمة، ولأن مطالب الشباب مدنية، فهي تتعلق بالفقر والبطالة والعدالة الاجتماعية. ما لا يجعل لوجود القاعدة أيّ داع، فمطالبها تتهاوى أمام منجزات الثورة. هذا التحليل جعل من القاعدة في موضع حرج حتى أن أيمن الظواهري في خطاباته دخل مع موجة الثورات وأيدها. وقعت القاعدة في حرج أمام الثورات، غير أن هذا الحرج لم يدم، فتجاوز التنظيم الصدمة، وعاد ليملأ الفراغ الأمني بالحضور الكثيف في مالي والصومال وليبيا واليمن وربما وصل سوريا أو يكاد.
القاعدة تنظيم لا يموت بسهولة، لأن طبيعته التكاثر كما الفطريات، التي تتكاثر باستمرار رغم فناء أجزاء كثيرة منها!
إن ذكرى 11 سبتمبر ليست مناسبةً لنعي القاعدة، بل لدراسة ظاهرتها فكرياً وتنظيمياً، والاهتداء إلى سبل مكافحتها.
بآخر السطر، ذكرى 11 سبتمبر تقول لنا إن القضاء على القاعدة لن يكون بالمواجهة العسكرية فقط، بل بالجهود الفكرية الكبيرة التي يجب بذلها على نطاقٍ واسع من مثقفين ودعاة ومفكرين، فأفكار القاعدة لم تُواجه بما فيه الكفاية حتى الآن رغم انقضاء عقد ونصف من الزمان على ظهورها.
وللتأكيد على ذلك، فمن العجب العجاب، أن ترى انضمام أكاديميين وقضاة لكوادر التنظيم، في الوقت الذي نفترض أن الدين والعقل والمنطق، كان سيجعلهم محاربين له!
نقلا عن الرياض