وصفة القيادة الإدارية هي موهبة من الله سبحانه وتعالى لشخص دون سواه.. وهي جزء من عدة مواهب يمنحها الخالق سبحانه وتعالى لهذا الشخص وأساس هذه الموهبة هو القدرة على التأثير في الآخرين وكسب محبتهم او إعجابهم التلقائي أو تعاطفهم الطبيعي وهي محبة وإعجاب بعيدة ومختلفة عن صور الإعجاب المزيفة او الوقتية المبنية على مكاسب ومصالح مادية او منافع اجتماعية!! ولهذا نجد هذه الموهبة في فئة من الناس دون غيرهم من الآخرين.. وتظل هذه الفئة بالطبع أقل عدد في المجتمع أو في الأسرة الواحدة !!
ان حسن تنمية ورعاية هذه الموهبة في صغرها وفي نشأتها يتوقف على البيئة الأولية فهي المؤثر الأول في صياغة هذه الموهبة وتطويرها وتنميتها وتوجيه كل سلوكياتها إما إيجابا أو سلباً.. أما نحو الصالح أو نحو خلاف ذلك!! وهذه البيئة التي تنمو فيها هذه "الموهبة" تبدأ منذ الطفولة ابتداءً من المربية أو العاملة المنزلية فهما الملاصقان لهذه الموهبة في صغرها بدرجة شبه دائمة ثم تنتقل مسؤولية التربية والتأثير من المربية أو العاملة المنزلية إلى السائق الذي يستلم مسؤولية الملازمة بعد تلك المرحلة ومعه المرافق الشخصي في مرحلة ما قبل المراهقة ثم تنتقل المسؤولية بعد ذلك إلى الزملاء والأصدقاء في المراحل التعليمية المختلفة خلال مرحلة المراهقة!!
وهنا تبدأ شخصية "القائد الصغير" في التبلور والتشكل تدريجياً قبل أن تصل إلى المرحلة النهائية التي تستكمل من خلال الزملاء والأصدقاء والمرافقين في السفر وفي العمل وهنا تصل موهبة القائد إلى مرحلة نهائية تتوقف بعدها شخصيته عن قبول أي تأثير خارجي مهما كان حجمه ومصدره!!
الحديث هنا هو عن نوعية هذه البيئات التي تمر فيها مراحل عمر هذه الموهبة وهذه "الشخصية" القيادية منذ الطفولة حتى تصل إلى مرحلة المسؤولية الإدارية أو الوظيفية!! وكيف هي أنواع هذه البيئات وما تحمله من ثقافات وما تحمله من ولاء ديني ووطني وأسري واجتماعي!! هنا يحضر ويبقى السؤال الدائم والمحير.. هل أخلصت كل هذه البيئات في مسؤوليتها الدينية والوطنية عند تعاملها مع هذه الموهبة!! وهل صدق وأخلص أفراد هذه البيئة في عملهم وفي علاقتهم مع هذه الموهبة كل حسب دوره ومسؤوليته !!
هنا تكون الإجابة واضحة ومعلومة ومقاييسها علنية تضح من خلال أسلوب عمل وتكامل هذه الموهبة عند اضطلاعها بمهام المسؤولية الوظيفية أو العملية أياً كان نوع هذه المسؤولية وموقعها!!
ومن خلال طريقة وأسلوب وفكر هذه الموهبة يمكن للمشاهد الحكم فوراً على نوعية البيئة التربوية التي شكلت فكر هذه القيادة الإدارية في نشأتها!! ومن خلال هذه البيئة!! فإنه من السهل جداً الحكم على فكر الشخص الذي تربى في أحضان هذه البيئة..
ومن خلال العمل والتعامل.. ومن خلال وقت الحضور والانصراف.. ومن خلال حجم الإنتاجية.. ومن خلال الأسلوب الإداري الذي يدير أو ينجز به العمل.. يمكن للمشاهد وللمرء قياس نوعية التربية ونوعية البيئة التي عاش فيها ذلك القيادي ومن خلالها نما فكر هذه الموهبة!!
لذلك يتأكد لنا أن للبيئة الصغيرة المحيطة بالفرد دوراً هاماً ورئيسياً جداً وفعالاً في صناعة فكر القائد الإداري الذي نشاهده الآن في كل مواقع العمل القيادية في شتى المواقع والمجالات وهو دور أصبح في هذا الزمن أكثر من دور الأسرة!!
فالبيئة التي يتربى في حضنها هذه الابن صغيراً كان او شاباً يكون لها الدور الأكبر والأثر الملاحظ في صناعة فكر وثقافة الشخص.. وهنا يجب علينا أن ندرك حسن اختيار البيئة التي تحتضن أبناءنا خارج المنزل ومتى ما حسنت وأخلصت هذه البيئة كان ذلك عاملاً إيجابياً على تربية فكر وثقافة الابن خاصة في هذا الزمن الذي وضح فيه تقصير كبير من فئة كبيرة من أولياء الأمور تجاه متابعة أبنائهم خارج المنزل والتأكد من سلامة المحيطين بأبنائهم خارج المنزل وهو تقصير واضح تعود أسبابه إلى عوامل كثيرة أهمها انشغال الأب والأم والأخوة كل بشؤونه العملية أو الخاصة أو الترفيهية التي ألقت بمسؤولية تربية فكر الأبناء إلى خارج محيط المنزل
نقلا عن الرياض