إطلاق سراح المرأة السعودية من أسر التبعية الديكتاتورية للرجل، كان الإنجاز الأول المهم لدعم تسريع الرؤية التنموية السعودية.
مثل كل تحول كبير مفاجئ لم يكن في نتائجه، خاليا من الخضات الاجتماعية بسبب اختلافات الفهم لمقاصد التمكين. الأعداد التي كانت تمارس التعنيف وإلغاء حقوق المرأة المعنوية والنفسية والمادية، سواء كانت زوجة أو ابنة أو مجرد مشاركة في الفضاء العام، هذه الأعداد بالتأكيد لم تكن تشكل أغلبية ذكورية في المجتمع السعودي، لكن أضرارها وتعدياتها عممت على الرجل السعودي في الداخل والخارج، واحتاج الأمر إلى تصحيح وضبط قضائي فعال.
المتفق عليه أن توجيهات وأنظمة تمكين المرأة السعودية من حقوقها الشرعية والمالية والتنموية وضبط هذه الحقوق بقوانين وعقوبات عدلية أكثر من ضرورية، وجاءت متناسقة مع خطة تنموية طموحة لا يمكن تحقيقها بالنظرة القديمة المتوهمة ذاتها، بأن الرجل هو العمود الوحيد في الكيان العائلي التربوي والإنتاجي. لا داعي للنظر في إيجابيات التمكين لأنها ماثلة أمامنا في الإنتاج العلمي والاقتصادي والثقافي للمرأة السعودية منذ أصبحت مشاركة فعالة مع الرجل، في استعمال القدرات والمواهب.
والآن دعونا ننظر بشجاعة إلى ما صاحب سرعة التطبيقات لتمكين المرأة السعودية من سلبيات متوقعة، وقد نقارنه بما يحدثه تعميم عقاب المدرس على كامل الفصل في الطالب المؤدب المثابر نفسه، عندما يعاقب بجريرة القلة المشاغبة التي تربك المهمة التعليمية على كامل الفصل.
بالتأكيد كانت توجد قبل التمكين للمرأة أقلية من النساء المتمردات على ضوابط المألوف الاجتماعي، وربما بالنسبة والتناسب نفسها لوجود أقلية من الرجال الجانحين، لكن تلك الظواهر من الجنسين كانت اجتماعيا ضمن المخفي المسكوت عنه.
من المهم أن نتذكر أن المخفي المسكوت عنه من التصرفات الشاذة لم تكن ظواهر تفهم من أجيال الشابات والشباب كحقوق ولا كتصرفات تحديثية وحريات شخصية. لأنه لا بد من أمثلة على بعض التمظهرات لاختلافات فهم تمكين المرأة، وذلك بهدف تسهيل فهم هذا المقال ومنع تحويره كتثبيط للتمكين، وأذكر كملاحظات شخصية التالي:
أولا – نموذج المرأة السليكونية المطرزة المضمخة بالمساحيق والأصباغ تحول إلى ظاهرة استعراض للنجاح والوجاهة، ومقاييس العناية بالمظهر الجالب للأنظار، ليس فقط في الأسواق والمقاهي، ولكن خصوصا في أماكن العمل في القطاع الخاص وفي الفضائيات وبرامج الدردشات النسائية. هذا النموذج لم يتسرب، بحمد الله، إلى القطاع العام حتى الآن لأنه لم يمنح الفرصة الاختراقية.
ثانيا – نموذج المرأة المحتشمة المكتفية بحضورها الطبيعي من دون حجاب أصبح عند البعض مدعاة للسخرية وكأنه علامة تخلف، ناهيك عن المحتفظة بالحجاب كقناعة شخصية فهذه قد تنخفض فرصها للتوظيف في بعض مؤسسات القطاع الخاص.
ثالثا – تتكاثر الإيحاءات غير المحتشمة في مواقع شهيرات الشبكة العنكبوتية، وصارت تروج هنا وهناك كحق شخصي في التمتع بالجمال والشباب، لا دخل للزوج والعائلة والمجتمع به.
رابعا – تصاعدت نسب الطلاق والخلع والعنوسة إلى أرقام مقلقة للنسيج الاجتماعي والعائلي، ولحقوق الطفل التربوية.
للعثور على الحقيقة أتمنى إجراء بحث إحصائي واسع عدديا ومناطقيا حول رغبة الشباب الذكوري والأنثوي في الزواج أو تفضيل العزوبية وما هي الأسباب، فقد نتعرف هكذا على المستقبل الديموغرافي للوطن.
أكتفي بما ذكرته كانطباعات شخصية عن تمظهرات سوء الفهم لمقاصد تمكين المرأة الشرعي والمالي والمعنوي والعائلي عند المرأة والرجل، وأظن أن المسيرة التمكينية تحتاج إلى تثقيف أكثر، تتشارك فيه عدة جهات رسمية واجتماعية.
وفي الختام أقول في كل بيت يوجد شاب يبحث عن زوجة تفهم أهداف التمكين للمرأة كشريك في الحياة والبناء والتفكير.
نقلا عن الوطن