مرت المملكة بتجارب عديدة في مجال الابتعاث أغلبها تجارب ناجحة، حيث ساهمت في نقل المعرفة وتطوير الكوادر البشرية وتوسيع مدارك المبتعثين العقلية والشخصية، إلا أن بعضا من هذه التجارب لم تكن مجدية ولم تحقق الفائدة المرجوة منها، إما لأن المؤسسات التعليمية التي التحق بها المبتعثون ليست هي الأفضل، أو أن التخصصات غير مطلوبة في سوق العمل السعودي، وهذا تسبب في وجود بطالة مقنعة Disguised Unemployment وربما ترقى إلى بطالة حقيقية؛ لأن بعضا من المبتعثين وخصوصا حاملي الشهادات العليا (ماجستير - دكتوراه) صُدموا برفض القطاع الخاص توظيفهم لأن تأهيلهم العلمي أكبر من حجم الوظيفة، قد تقبل بعض الشركات وخصوصا الشركات التي لديها قدرة مالية دفع تعويضات عالية وهذا بالتأكيد فيه هدر مالي؛ لأنها تستطيع أن تحصل على موظف يقوم بنفس المهام بتعويضات أقل، وأما أن يقبل حامل الشهادة العليا بتعويضات أقل بكثير مما يستحقه وهذا قد ينتج عنه عدم الرضا الوظيفي وقد يتسرب ذلك اليأس إلى بقية العاملين، سمو ولي العهد - حفظه الله - أطلق استراتيجية جديدة تعالج الأخطاء في نظام الابتعاث السابق وتحقق أعلى استفادة من الابتعاث من خلال اختيار المؤسسات التعليمية الأفضل على مستوى العالم وتحديد التخصصات التي يحتاجها سوق العمل ضمن رؤية 2030، سوف يستفيد من البرنامج الجديد 70 ألف طالب وطالبة، البرنامج يحتوي على 4 مسارات رئيسة لرفع كفاءة رأس المال البشري والمساهمة في تحقيق التنمية المستدامة، المسار الأول هو مسار (الرواد) للابتعاث وقد حدد هذا المسار أفضل 30 مؤسسة تعليمية في العالم في مختلف المجالات والدرجات العلمية المستهدفة بكالوريوس وماجستير، المسار الثاني هو مسار (إمداد) ويهدف الى الابتعاث إلى أفضل 200 جامعة في العالم والدرجة العلمية بكالوريوس وماجستير، أما المسار الثالث هو مسار (البحث والتطوير) هذا المسار مخصص لدرجة الدكتوراه فقط، المسار الرابع هو مسار (واعد) وهو يركز على التعليم مع التدريب، وهذا النوع من المسارات التعليمة هو ما نحتاجه فعليا؛ لأن بعض التخصصات لا يمكن أن يتقنها الطالب إلا عندما يكون التعليم مدمجا بالتدريب العملي في الشركات، التعليم لوحده لا يمكن أن يخرج لنا اقتصادي ناجح أو تقني متمكن إلا عندما يطبق ما تعلمه من خلال برامج التدريب، شأنه في ذلك دراسة الطب التي لا تمنح الشهادة للطبيب إلا عندما يجتاز عددا من ساعات التدريب في أحد المستشفيات المتخصصة.
نقلا عن الرياض