ف تنظر إلى الفجوة التي تفصل العالم العربي عن الإعلام العلمي الواعي؟ لا توهمنّكَ الفجوة بأنها مسألة شبرين أو أدنى. نحن نتحدث عن وسائط الإعلام ومطبوعات مراكز البحث العلمي ومواقعها، وما تصدره الجامعات من شهريّات وفصليّات ودوريات عموماً، وما تنشره على الشبكة. بهذا يكون الحصاد المؤمل بالآلاف، إن صدق الظن والأمل. لا داعي إلى ذكر أن إعلام العلوم الإنسانية، ليس أحسن بكثير.
ليس الطرح نقداً بهدف التعريض، أو جلداً للذات للتحريض، فالغاية البرهنة على أن القضية داء مزمن، وأن الحلول غير معجزة، فللعرب كفاءات لا تحصر، والإمكانات المطلوبة غير مرهقة للمؤسسات المعنية ومصادرها المالية، التي ليس لها إلمام كبير بالإنفاق في المجالات العلمية والاستثمار فيها. بمجرد الاقتناع بالأدلة، لا تجد الأطراف مفرّاً من الاعتراف بأن العقبة المانعة، هي كمّاشة الكسل الذهني ورتابة العادات. محاولة النفي مأزق أخلاقي وبيل: إنه عدم الإحساس بالمسؤولية إزاء الشعوب والأوطان.
ثمة طريقتان ظريفتان للوقوف على بلاغة المقارنة. عدد نفوس العالم العربي يمثّل ستّاً وستّين مرّةً سكان سنغافورة (ستة إلى أربعمئة). أمّا أهل التنين فهم أربعة أضعاف العرب. العملية بسيطة، الصين لها حوالي خمسة آلاف مجلة علمية، القسمة على أربعة فيها شطط. لا نريد 1250، نقنع بعُشُر ما رُزقوا، خمسمئة. أتَذكُر، كنّا لا نقنع بما دون النجوم. الشاعر الآخر أصدق: «والنفسُ راغبةٌ إذا رغّبتها.. وإذا تُرَدُّ إلى قليل تقنعُ». لكن القناعة صارت قُنوعاً. بالقرينة تعرف أن تفوّق سنغافورة عالمياً في الإعلام العلمي والبحوث العلمية، يكتسب أهميةً ملهمةً تعليميّاً، فطلاّبهم هم أوائل الكوكب في الرياضيات والفيزياء.
البلدان العربية حافلة بأساتذة العلوم، لكن عليهم الخروج من قوقعة مفهوم الوظيفة. نحن اليوم في عصر المعلوماتية والرقمي والذكاء الاصطناعي. خفّت حدّة تعقيدات المطبوعات الورقية وميزانياتها الباهظة، وكثرة طواقمها، في سلسلة مراحل متلازمة. أهل التخطيط المالي أدرى، ولكن النفقات اليوم قد لا تتجاوز الواحد على خمسين، بوسائط «يوتيوب»، و«بودكاست». أمّا الفضائيات فالإعلام العلمي، لا يمثل في ميزانياتها أكثر من«بعوضة حطّت على نخلة».
لزوم ما يلزم: النتيجة الاستعجالية: الأحداث السابقة والحالية، دليل شمسي على أن التأخر العلمي، عدم إدراك لأخطار الأمن القومي.
من الخليج الاماراتية