لا بأس في إن يتقاضى عضو مجلس الشورى من الأموال خلال مدة جلوسه على الكرسي المخملي، شريطة أن يخضع سنويا للمحاسبة، ويقف أمام المجتمع للمساءلة الأخلاقية قبل القانونية، ويُجبر على الإجابة عن سؤال: ماذا قدمت لمصلحة المواطن هذا العام؟.
أزمة الثقة بين المواطنين وأعضاء المجلس تتزايد، والمواطن منذ عقود لم يلمس أي نتائج إيجابية تصب في مصلحته من ذلك المجلس، يتحسر عندما يستمع إلى الأعضاء وهم يتناولون قضايا هامشية ليست من صميم اهتماماته، ولا تعالج مشكلاته اليومية، وهي بعيدة كل البعد عن واقعه وآماله.
وتزداد حسرته عندما يشتمه أو يزدريه عضو شوري ويصفه بالكسل والمياعة دون أي يخضع ذاك العضو لأي محاسبة معلنة تعيد للمواطن كرامته وهيبته، خصوصاً وأن هذه الإهانة لم تأتِ من فرد يسير في إحدى الشوارع، بل تحت قبة مجلس يُنتظر منه الكثير، وتُعقد عليه آمال الملايين من المواطنين.
قانون المحاسبة والمساءلة وحده القادر على منح المواطن الثقة بمجلس الشورى، لأنه يعتقد بأن من يُمنح عضوية المجلس سيصبح عقبة جديدة تضاعف من معاناته، في ظل غياب الدور الحقيقي والفاعل للمجلس في حل القضايا الكبرى المتمثلة بالفقر والبطالة والإسكان والعدالة الاجتماعية.
المجلس في وضعه الحالي لا يبدو ممثلاً للشعب من وجهة نظر المواطن، ما يؤكد أهميّة فرض تغييرات جذرية تطال تركيبته وآليّة عمله وحدود صلاحيّاته ونوعيّة أعضائه، ليصبح حقاً صوتاً للمواطن الغيور على وطنه، صوتا للكادحين الذين يدركون حجم معاناة ذوي الدخل المتوسط وما دونه، ويسعون لتنمية وطنهم وتحسين جودة الحياة فيه.
أسئلة عريضة يطرحها المواطن، ما المعايير التي على ضوئها يجري اختيار العضو الشوري؟، وما الدور المنتظر منه تجاه المشكلات في المجتمع؟، وما تاريخه المشرف الذي خدم به الوطن والمواطن؟، وما العقوبات التي سيواجهها في حال لم يقدم المأمول منه؟.
أخيراً، نجاح أي مؤسسة حكوميّة تنطلق أولاً من إيمان المواطنين بأهميّة قراراتها في تصحيح أوضاعه، ومن المؤسف القول بأن مجلس الشورى فقد هذه الميزة لدى معظم أفراد المجتمع، ولا سبيل لإعادة مكانة القبّة الشوريّة إلا بتفعيل مبدأ المحاسبة والمساءلة أسوة بغيرها من الجهات التي يُعاقب فيها من أساء ويكافأ من أحسن.
* ماجستير في النقد والنظرية