قبل سنوات تعرفت على مدیر إحدى المدارس الحكومیة، والذي كان عنصریاً بامتیاز رغم تعلیمھ العالي،حیث كان مؤمناً حتى العظم بالطبقیة الأخلاقیة، وبتقسیم (عباد الله) إلى بشر متحضرین وراقین أخلاقیاً (ذوي دماء زرقاء)، وآخرین یأتون في مراتب أدنى معرفیاً وأخلاقیاً، وھؤلاء لا یجب (خلطھم) - حسب رأیه بأبناء (الطبقة السوبر)، لذا كان قبول الطلاب لدیھ یعتمد على معاییر (عرقیة) و (مناطقیة) و(مذھبیة)
.! مزعجة بل ومقرفة
ھذه الصفات المستفزة نفّرت منھ الكثیرین، ودفعتھم إلى نقل أبنائھم من المدرسة، فمثل ھذا الشخص (تمإبعاده فیما بعد) مھما بلغ من علم یظل شخصاً غیر (أخلاقي) وغیر مؤتمن على تشكیل عقول الأبناء،.وتكوین وجدانھم الوطني والاجتماعي
لیس أسوأ من العنصریة إلا الطبقیة الفجة التي تفتح الباب على مصراعیھ للتأسیس للطائفیة والتعنصر ·والكراھیة وكل آفات وأدوات تفكیك الأوطان وزعزعتھا.. وإذا كنا - كبشر- نتقبل الطبقیة في شكلھاالاقتصادي؛ ونعتبرھا نوعاً من أنواع الإیمان، فإننا نرفض وبالإجماع كل ما عداھا، وخصوصاً الطبقیة الأخلاقیة التي یحاول البعض استخدامھا كشماعة لتبریر بعض السلوكیات، من خلال تقسیم المجتمع إلى
(أخلاقیین) متحضرین، وغیر أخلاقیین (ھمج ورعاع)، والتي حاربھا الإسلام بكل قوة ونجح في القضاء علیھا بشھادة أرنولد توینبي الذي یقول: « إن انعدام الطبقیة في المجتمع الإسلامي كان أحد الإنجازات .«الأخلاقیة بالغة الروعة للإسلام، وفي عالمنا المعاصر توجد حاجة ملحة للإفادة منھا إن وصم فئات مجتمعیة بعینھا بأنھا أقل وعیاً، أو أقل ثقافة وأخلاقاً أو أقل تدیناً ھو اتھام تطھري یحاول ·مدعیھ كسب بطولة والتطھر مجتمعیاً وإبعاد تھمة عن نفسھ .. وھو أمر یجب إنكاره، فالفضیلة عامة في
نفوس البشر جمیعاً، وإن بتفاوت .. فھناك المتعلم وغیر المتعلم، الخیّر والشریر ، الأخلاقي وغیر الأخلاقي إلى آخر ھذه الثنائیات التي تصنف البشر بین الخیر والشر أو بین الفضیلة والرذیلة ،و التي لا یجوز تعمیمھا على فئة، أوعلى منطقة دون غیرھا، فكل المدن والقرى و( الأریاف) السعودیة تحكمھا معاییر أخلاقیة وقانونیة واحدة، نابعة من وحدة الدین، ومن الثقافة والتراث والعادات المتشابھة، وما ھو مرفوض عند
شریحة أو فئة من شرائح الوطن ھو مرفوض في الغالب عند بقیة الشرائح، خصوصاً إن كان الرفض . لأسباب شرعیة
الطبقیة الأخلاقیة خطیرة وبشعة أینما حلت، لكنھا تزداد خطراً وبشاعة عندما تأتي من المدرسة أو من ·المثقف كونھما یمثلان مصدراً من مصادر التنویر وصناعة الوعي في المجتمع.. أو ھكذا ما ھو مفترض أن .یكون
نقلا عن المدينة