في لقاء تلفزيوني منذ أيام ليست بالبعيدة، صرحت الدكتورة خولة الكريع، العالمة السعودية المتخصصة فيأبحاث مرض السرطان، أن ماء زمزم بسبب خصائص تركيبه يسبب ضررا لمرضى السرطان. وانفتح عليها سيل لايتوقف من الاعتراض وسوء الأدب والتعرض العنيف والخارج عن اللياقة والأدب بحق شخصها الكريم، وصلت إلىدرجة تخوينها والتشكيك في دينها وسلامة إيمانها. الدكتورة خولة الكريع واجهة وقامة وطنية مشرقة، أثبتتعلو كعبها الأكاديمي والمهني في الخارج والداخل، وحصلت على أهم الشهادات من أرقى الجامعات، وكرمت منالعديد من المراكز والهيئات العالمية المرموقة، ونالت العديد من الأوسمة والدروع. ولعل أبرز محطات التكريم كانحصولها على أعلى وسام في السعودية من يدي ملك البلاد شخصيا. نالت ثقة ولي العهد باختيارها كعضو فيمجلس الشورى، وكانت دوما ما يتم اختيارها في الوفود الرسمية التي تمثل البلاد كواجهة مشرقة لها. تعلقالسعوديون بسيرتها الشخصية، وضحكوا وبكوا معها في محطات عمرها الثرية، وهي توثق حياتها خلال برنامج«من الصفر» الشهير الذي يقدمه العزيز مفيد النويصر. وبالتالي مسيرة الدكتورة خولة الكريع تتحدث عن نفسهاوليست بحاجة لأي أحد أن يزكيها أو يضيف عليها، ولكن الإهانة والتجريح التي تعرضت له الدكتورة بشكل قبيحوممنهج يحتاج إلى وقفة. كل ما دعت إليه الدكتورة هو تقديم الأدلة العلمية التي توثق بالبرهان أن ماء زمزم
مفيد ولا يؤذي مريض السرطان، هي لم تنف أن ماء زمزم ماء مبارك، ولم تنف ورود ذلك في الحديث النبويالشريف، ولكنها توضح أن تركيبة مياه زمزم تحديدا في حالة مريض السرطان هي ضارة له. وهذا يذكرني بعالمدين توفي منذ سنوات وكان مصابا بمرض السكر، وأصيب بوعكة صحية وأصر عليه بعض طلبته بتناول التمور لمافيها من بركة وحصل ذلك، وكانت نتيجة هذا الأمر وفاة الرجل بسبب «غيبوبة سكر» جراء تناول سكريات بكميات«غير مسؤولة»، وهذا يذكرني بقول الله تعالى في القرآن الكريم وهو يصف العسل ويقول «فيه شفاء للناس»
ولم يقل فيه الشفاء، بل شفاء وليس كل الشفاء، لأنه حتى العسل ممكن أن يكون قاتلا إذا تم تناوله لمرضىالسكر مثلا في حالات معينة. هناك فرق كبير بين المحاججة بالأدلة العلمية والدفاع بالعواطف، دفاع لا وسيلةفيه إلا السب والتجريح، تسقط معه كل الحجج إن وجدت مهما كانت قوية. هل يستوي الذين يعلمون والذين لايعلمون، وقبل كل ذلك كان المديح الأعظم لسيد الخلق هو بوصفه «إنك لعلى خلق عظيم»، الأدب قبل العلم،والعلم يرفع صاحبه. أدافع بهذه الكلمات عن مقام الدكتورة خولة الكريع وعن علمها وأدبها، وأحزن لحال الترديفي الحوار وغياب الأدب وندرة الأخلاق. الشجرة المثمرة تظل تقذف بالحجارة، فهذه شهادة نجاح في حقها،والمجتمعات السوية هي التي ترفع من شأن قدواتها وتتأدب معها.
نقلا عن عكاظ