شاع لدينا، بل ولدى غيرنا، في الفترة الأخيرة، مصطلح وظائف المستقبل. وأصبحت الندوات والدراسات تدور حول هذا المفهوم، وتحذر من موت وظائف وولادة أخرى في المستقبل المنظور وغير المنظور. رغم حسن نية وحماسة من يتعاطى ذلك المسمى، ويعمل جاهداً على بحثه ودراسته من أجل خدمة أجيال المستقبل، إلاّ أنني أعتقد أن من خرج بذلك الاسم لم يوفق فيه، فهو أقرب إلى تصنيف محدد يهدف إلى وضع مزايا وشروط وحقوق ومكتسبات شاغل تلك الوظائف. السبب فيما أراه أن تحديد مسمى لوظائف مستقبلية معينة يعتبر تضييقاً لواسع، من الصعب الاتفاق عليه بين شركات ومؤسسات القطاع الخاص التي هي المعنية، في الغالب، بتلك الوظائف.

الرأي الأصح، أن نتحدث عن المهارات المطلوبة في المستقبل، وندع المسميات للشركات والمؤسسات التي تنشد مثل تلك المهارات للقيام بما لديها من أعمال، وتمنحها المسميات الوظيفية التي تناسبها حسب سياساتها وهيكلها التنظيمي، حتى الجامعات والمعاهد المتخصصة التي يوجد لديها أقسام متشابهة تقوم بتدريس نفس المواد وتسعى لتعليم الطالب نفس المهارات تجدها تستخدم مسميات مختلفة لأقسامها، وتطور وتبدل مناهجها تبعاً لما يستجد من علوم ومعارف تهدف إلى خلق مهارات جديدة في الطالب أو المتدرب.

أظن أن المطلوب أن نتحدث عن المهارات التي يحتاجها الموظف في المستقبل، وليس عن الوظائف ذاتها. فالمهارات المطلوبة تكاد تتشابه بين كافة الشركات وجهات التوظيف، ولكن المسميات تختلف تبعاً لسياسة وفلسفة كل شركة أو مؤسسة، فالأولى أن لا نقيد الشباب والباحثين عن وظائف في المستقبل بمسميات قد يحرمون بسببها من وظائف معينة وهم يحملون المهارات المطلوبة لشغل تلك الوظائف، كما كان يحدث لخريجي أحد الأقسام الأكاديمية في واحدة من جامعاتنا، حيث يجد مسؤولو التوظيف صعوبة في ربط مسمى ذلك القسم بما لديهم من مسميات وظيفية، في الوقت الذي يحمل خريجوه مهارات تتطلبها العديد من الشركات والأجهزة الحكومية، وأظن أن هذا الأمر لم يعد قائماً بعد أن تم تغيير المسمى لذلك القسم.

نقلا عن الرياض