في عالمنا العربي يؤنث العمل الرعائي "الغير مدفوع الأجر" بأحكام جندرية جاهزة ليصبح مهمة أنثوية يقاس عليها
الأمومة والفطرة الأنثويةبصفة عامة، وعدم قبول هذا الدور يُصبح الحديث حينها دسمًا ومنفجرًا لأن عدم ممارسة هذا
العمل جُنحة أخلاقية يُعاقب عليها المجتمعخصوصًا عندما تكون أُم.
لكن دعونا نعرف ماهو العمل الرعائي الغير مدفوع الأجر؟ولماذا المرأة في مجتمعاتنا العربية تتحمل المسؤوليه
وحدها؟
يعرف العمل الرعائي: بأنه العمل الذي يقدم فيه الفرد خدمة لفرد آخر دون مقابل. ويعد جزءاً مهما في عملية
إستمرارية الحياة وشكلًا منأشكال التعاون الإنساني الذي يدفع بالمجتمعات نحو النمو والتقدم والتطور، إلا أننا عربيًا نأخذه على محمل أنثوي لا يقبل النقاش ولاالتحليل بحيث يُصبح جزاءً اصيلاً من التكوين القيمي والأخلاقي للمرأة
بينما لا يتعدى كونه مُبادرة كريمة من الرجل تحتاج التصفيقوالإشادة.
ولعلى أهم الأسباب التي تحمل المرأة مسؤولية العمل الرعائي بإختصار تتلخص في تربية المجتمع للمرأة بضرورة
تبني مفهوم الإيثارالسلبي بأسم الأنوثة و اللامسؤولية للرجل بأسم الذكورة.
إلا أن هذه المشكلة الإنمائية الخطيرة أخذت في التوسع ومحاصرة المرأة في زاوية قللت من مشاركتها في سوق
العمل وحجبت دورهاالاقتصادي والسياسي والثقافي واقتصرته على تقديم الخدمة المجانية التي ساهمت في
إنخراط المرأة في دائرة الفقر والتفكير السلبي والخوف من التشكيك الأخلاقي حتى أنها أصبحت رهينة العمل
الرعائي الذي لايقدم لها حياة كريمة فهي لا تتقاعد منه ولا تحصل على مقابلمادي ولا تأمين طبي جراء الخدمة
الدؤوبة للجميع، ومع كل هذا نحن نستطيع تغيير هذا الواقع المجحف إلى واقع عادل ومنصف وأن كانالتحدي
كبير نظرًا لحجم المشكلة وتجذرها إلا أن إعادة توزيع الأدوار فيه وعدم تحميل المرأة مسؤوليته القيام به بشكل كامل
يعلب دوراً هاماًفي استدامة العمل الرعائي الغير مدفوع على الصعيد الوطني ويسد الفجوة الهائلة بين المرأة
والرجل في تكافؤ الفرص، كذلك محاولة تنظيفالذاكرة الاجتماعية من النظرة الدونية لمثل هذا النوع من الأعمال
القائم بشكل رئيسي على التنظيف والغسيل والطبخ والمتابعة للأسرة والذييتلخص تقريباً في دور(ربَّة المنزل)
من خلال تعزيز دور المرأة الاقتصادي ودعم آرائها وقضاياها والخروج بها نحو مستقبل مشرق وآمن.