عندما يحذر الإمام الطيب فيجب أن نأخذ تحذيره على محمل الجد، وعندما يعلن بكل وضوح وقوة رفضه للدين الإبراهيمى الجديد فأعلم أن الأمر خطير.
فالبرغم من عدم وجود إعلان رسمى واضح حتى الآن لقيام ما يعرف بـالديانة الإبراهيمية الجديدة، جاءت مبادرة من الإمام الطيب بالرفض القاطع والمطلق، ووصفها بأنها لا لون لها ولا رائحة، وكأن شيخ الأزهر يقصد توجيه رسالة واضحة وصريحة لأشخاص بعينهم.
ولأن الجميع يعلم دور الأزهر وشيخه الطيب بمبادرات الإخوة والتسامح والتعايش بين الأديان.. فلماذا بادر شيخ الأزهر فى هذا التوقيت بالهجوم والتحذير، دون وجود إعلان واضح أو دعوه صريحة لهذا الدين الجديد؟.. الإجابة عن هذا السؤال عند شيخنا الجليل. ولكن يمكن أن نجد الإجابة فى عبارة للصحفى الأمريكى ستيورات السوب مفادها أن ليس كل ما يحدث فى العالم مجرد صدفة بل هى أحداث مدبرة ومخطط لها من الأشخاص والمنظمات التى تسيطر على الكثير من المعرفة العالمية، وتتم حراسة هذه المعرفة بسرية كبيرة، فنحن لا نتعامل مع الصدفة أو الغباء وإلا فلما لم يحدث شيء من قبيل الصدفة لصالحنا.
وقد ظهرت الدعوة الإبراهيمية مع الدبلوماسية الروحية كخيار ثان للدبلوماسية التقليدية التى فشلت فى حل وإنهاء النزاعات والحروب بين الدول، خاصة الصراع العربى الإسرائيلى، على أساس العامل المشترك بين الديانات الثلاث، الإسلام والمسيحية واليهودية، باعتبارها أديانًا إبراهيمية، نسبة إلى النبى إبراهيم عليه السلام.
وقد صنعت خصيصًا هذه الدعوات والمشروعات البحثية لصالح إسرائيل دون سواها، لكسب تعاطف الشعوب العربية والإسلامية التى تمثل العدو الأول لها عن طريق المحادثات بين الحاخامات والأئمة حول إمكانية المصالحة الدينية والاجتماعية، وتعمل هذه الدعوات على تغيير طريقة تفكيرنا ونظرتنا كشعوب بأن إسرائيل ليست العدو، والحقيقة أن الدولة التى تقوم على فكرة الاضطهاد والقتل والاغتصاب لحقوق الآخر، لا يمكن أن تعيش فى سلام نفسى أبدًا وإن سادت العالم وملكت ما فيه.
وقد يتم هذا التغير التدريجى فى الأسماء سواء كانت دعوة أو دينا بالتزامن مع تغيير نظرة الشعوب من أسفل إلى أعلى على المدى الطويل، ويمكن أن يتم ذلك عن طريق تغيير مناهج التعليم، فمثلًا قد ساعد المركز الدولى للدين والدبلوماسية أكثر من ١٦٠٠ مدرسة دينية باكستانية فى توسيع مناهجها لتعزيز الالتزام بمبادئ حقوق الإنسان والتسامح الدينى.
وفى تقرير صادر عن مركز سابان لدراسات الشرق الأوسط فى معهد بروكنجز عام ٢٠١٣، طرح سؤالا حول: كيف يمكن للتعاون الدينى أن يغير الأجواء السائدة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ويتحدث التقرير عن أهمية الدور الذى لعبه الدين فى قبول اليهود والمسلمين لبعضهم البعض فى الولايات المتحدة، ويقول الفيلسوف الفرنسى روسو بأن الدين العام هو الامتداد الواسع لدور الله فى الخلق، وأن هذا الدور لا يمكن حصره فى عرق واحد أو دين واحد أو أمة واحدة.
من قبيل الصدفة الغريبة فعلًا.. أن الصلاة الإبراهيمية التى قام بها البابا فرنسيس فى مدينة أور الأثرية بجوار بيت النبى إبراهيم عليه السلام بالعراق، وضمت ممثلين عن الديانات الإبراهيمية بجانب الأيزيديين والصابئة.. هى مدينة اكتشفها السير ليونارد وولى عام 1922 وكانت مجمعًا كبيرًا من المقابر أطلق عليه اسم حفرة الموت العظمى، فهل سيكون الدين الإبراهيمى الجديد مقبرة للأديان أم لأصحاب هذا الدين الجديد؟.. الأيام القادمة ستكشف الإجابة.
فى النهاية يجب أن نؤمن بأن المعرفة هى القوة والقوة هى أغلى سلعة فى العالم، والقول المأثور مالا تعرفه لا يمكنه أن يؤذيك غير صحيح على الإطلاق، فمالا تعرفه يستطيع إيذاءك.
نقلا عن بوابة الوفد المصرية