تهدأ حدة مخاوفي لترتفع وتيرة اعتزازي بآدميتي وثقتي بنفسي، فلا أحد يتعامل معي هنا بناء على أنوثتي، بل من منطلق أفكاري ومدى فعاليتها وتميزها. أتأرجح دوما ما بين الخوف والثقة، ما بين الشعور بالغربة وعدم الانتماء والحنين لوطني وما بين شعوري الجديد بامتلاكي لزمام أمري واحترامي لذاتي ووعيي بآدميتي وفردانيتي. يزعجني كثيرا أن الصور النمطية عن الإسلام والمسلمين هي السائدة هنا؛ وليست هناك رغبة حقيقية - إلا قليلا - للوصول إلى عمق الحقائق، فالإعلام يروج للصور المنمطة والأفكار المسبقة، ونحن مقصرون في التعريف بأنفسنا والتحدث عنها، فيما لا يصلهم عنا إلا تناقضاتنا العجائبية المثيرة للسخرية والتندر. أشعر أن أحد أهم مهامي هنا هو التعريف بثقافتي الإسلامية وتجلية صورة ما بعد 11 سبتمبر على الأقل في الوسط المحيط بي.
تجلو الحرية صدأ نفسي وتتوارى مشاعر الخوف لتعاود الظهور ما بين فينة وأخرى كأحد رواسب العقل اللاواعي! أجدني بكل ذرة في كياني منغمسة في المهمة التي ابتعثت لأجلها؛ أكتشف في نفسي طاقات وقدرات لم أعهدها. يزداد التحدي يوما بعد يوم مع تقدمي في دراساتي العليا، وأشعر أنني ما زلت أكابد حاجز اللغة الذي يكبلني عن الانطلاق مما يشكل حافزا أكبر لاجتيازه. هوة كبيرة تفصل بين الثقافتين وطريقة التفكير أعافر كل يوم لتجاوزها، كما أجاهد لمحو صورة نمطية عن كسل الطلبة السعوديين وافتقارهم للدأب والمثابرة. وأكتشف أنني أقل زملائي امتلاكا لآليات التفكير النقدي، وقدرة على البرهنة والإقناع والمحاججة. أقتنع يوما بعد يوم أن عدم دراستنا للفلسفة، يجعلنا شبه معوقين ونحن نتعاطى مع مفردات هذه الثقافة التي تقوم كل علومها وآدابها على بنيان فلسفي متين، وأننا نحتاج إلى إعادة تأهيل لننخرط في الدراسة الأكاديمية هنا. أعود بخيالي إلى الأطباء والمتعلمين الذين يؤمنون بالسحر في مجتمعاتنا، وعن تمكن الخرافات والماورائيات من عقول الناس هناااك وسيطرتها عليهم؛ وحياة الخمول والكسل والاعتماد على الآخرين في خدمتنا.
تذهلني الدقة في العمل والأمانة والإخلاص في أدائه وإتقانه، ويدهشني اتباع الناس للقوانين والتزامهم بها دون حاجة لرقيب، وأجد مقولة الشيخ (محمد عبده) ترن في أذني عن إسلام بلا مسلمين في الغرب ومسلمين بلا إسلام عندنا. تنفتح أبواب السماء مدرارا فتبتلعها الشوارع في ثوان، بينما يأكل الفساد الأخضر واليابس في بلادي ليجعلنا لقمة سائغة لنعمة المطر التي تتحول في بلادي إلى نقمة ! يوجعني أن ميزان الفضيلة مقلوب عندنا فسرقة المال العام والرشوة والتقصير في العمل صغائر لا يلتفت إليها أحد عندنا؛ بينما تقوم الدنيا ولا تقعد هنا عند الكشف عن أية جريمة فساد مهما صغرت! تتحرك العقلية النقدية التي أتشرب مبادئها لأتأمل في وجوه الناس المجهدة المستنزفة في قطار العودة بعد يوم عمل طويل، الناس البسطاء الذين تقتات على دمائهم وجهودهم ماكينة الرأسمالية الضخمة، والذين يدفعون فواتير حروب أمريكا المجنونة!
يعاودني الشعور بالغربة والضيق بينما ينزل سؤال زميلتي الأمريكية على رأسي كالصاعقة: هل صحيح أن المرأة في بلادك لا تستطيع الخروج ولا العمل أو الدراسة إلا بوصاية ذكر؟
نقلا عن الوطن السعودية
- إعلان الفائز بالجائزة العالمية للرواية العربية “البوكر” منها السعودية رجاء عالم
- عدد مستخدمي الأدب عبر الإنترنت في الصين يتجاوز 500 مليون
- ابن البناء المراكشي.. سلطان الرياضيات وامبراطور الحساب في العصر الإسلامي
- عهدية السيد تنال جائزة «نساء يصنعن التغيير» من «صوت المرأة»
- تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. البنك الإسلامي للتنمية يحتفل باليوبيل الذهبي
- الجزائر وقطر توقعان اتفاقية لإنتاج الحليب المجفف بتكلفة تفوق 3.5 مليار دولار
- تسليم الفائزات بجائزة الأميرة نورة للتميُّز النسائي
- الورد يستهدف إنتاج ملياري وردة بحلول 2026م
- الجامعة الإسلامية بالمدينة تنظم “مهرجان الثقافات والشعوب” الثاني عشر
- اكتشاف 454 كويكبا جديدا في النظام الشمسي
صفحة أخرى من أوراق مبتعثة سعودية
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.alwakad.net/articles/49212.html