خيبة أمل تكبدها الوطن جرَّاء مغادرة المنتخب الأول المُهينة للتصفيات النهائية لكأس آسيا ، ومع إيماننا بأن الفوز والخسارة واردة في قاموس أي منافسة والرياضة أحدها ؛ إلا أن المنتخب لم يُقدِّم ما يشفع له بمواصلة الركض في المستطيل الأخضر ، سواءً أكان ذلك عن مستوى يُقْنِع به المحللين المتابعين لمسلسل الانحدار المتتالي في السنوات الأخيرة ، أم نتيجة تُروي عطش جماهيره المؤمِلة في الفوز ، والتي اكتشفت أخيراً أنها تزحف وراء النصر المزعوم الذي لا يعدو إلا سراباً تحسبه الجماهير ماءً . هذه حقيقة يجب أن نُقررها أولاً ؛ لأن الاعتراف بوجود مُشكلة يعني أننا وضعنا أول خطوة في طريق حلها ، ولكن التفكير في الحل – إن كنا سنبدأ فيه – يأتي متأخراً كثيراً ؛ لأن المتتبع لخط سير الكرة السعودية خلال السنوات الاخيرة يلحظ – بداهة - الإخفاق المُخيف في التواجد المُميِّز للكرة السعودية في كافة المحافل الرياضية التي تُشارك فيها سواءً على مستوى الأندية أو على مستوى المنتخبات بفئاتها الثلاث ؛ الأمر الذي يعني أن مُجرد التفكير في تلافي الخطأ بعد هذه السنوات يُعد خطأ من الدرجة الأولى ، ناهيك عن الشروع في حله ، إذ كان من الأولى الوقوف بموضوعية أمام تعاظمه ومناقشته بشفافية بعيداً عن سياسة (التجميل) التي مُورست خلال فترة الانحدار ، المتمثلة في عبارات الثناء المُزيف ، والتقارير المُمكيجة ، والتي من أبرزها الإدعاء الذي تتناقله وسائل الإعلام بأن الدوري السعودي أقوى دوري عربي ، والواقع يلفظ مثل هذا الإدعاء ، وشاهد الإثبات النتائج السلبية لأنديتنا في المسابقات العربية والأسيوية . لقد كانت المعالجات التي تتم - أثناء أو بعد أي بطولة يُخفق فيها المنتخب - أشبه ما تكون بالمُخدِّر الذي يُعطي مفعولاً وقتياً في الوقت الذي يزداد فيه الجُرح نزفاً في الداخل ، وهذا للأسف يُعطي مؤشراً على أن هناك شيئا ما خطأ يحدث ولا زال في أسلوب عمل المنتخب ، والدلائل على ذلك كثي رة ، ولكن أبرزها اختيار المدربين الخاطئ ، واتخاذ القرارات المُتعجلة في إعفائهم ، دون الأخذ في الاعتبار انعكاسات ذلك على مُجريات البطولة ، ناهيك عن التشكيل النفسي للجماهير المحبة للأخضر . لقد فاض الكيل من الخطط التي انتهجتها المؤسسة الرياضية في السابق والتي لم تُراعِ أبجديات التخطيط الاستراتيجي ، وأهملت البناء التراكمي للمكتسبات ، وتجاهلت الاهتمام بالقاعدة ، مما يعني أن وقت التغيير في الاسلوب والأداء قد آن أوانه ولا مجال لتأخيره تحت أية ذريعة ، فالكل أمام مسئولية وطنية عظمى تتطلب تحمل كل طرف دوره التاريخي ؛ .
نقلاعن المدينة