كل شيء عمله الناس أو يعملونه يحتاج إلى مراجعة وإعادة نظر وتصحيح لما يحتاج للتصحيح، وكل موروث بشري صنعه الانسان وأوجدته الحاجة لجيل مضى وزمن انقضى يحتاج إلى التعهد بالمراجعة والاخذ والترك منه، وعلى رأس ما يحتاج إلى المراجعة العادات والتقاليد والممارسات العامة وبعضها إن لم يكن أكثرها انتهى العمل بها حتى عند عشاقها والحريصين عليها، ولا سيما أن العالم من حولنا يمر بتحوالت كبرى وتغيرات أكبر وأعظم وأخطر تمس كثيرا من الثوابت عندالمجتمعات كلها شرقيها وغربيها.
ولان في تراثنا وعاداتنا كثيرا مما كان صالحا لزمانه وأهله الذين أوجدوه لحاجات زمانهم وظروف بيئتهم ومضوا وتركوه بين أيدي لأجيال ينتقل من حقبة إلى أخرى ومن زمن إلى ما بعده من الأزمان وقد لا يحتاج الحاضر إلاالقليل من ذلك الموروث الذي نتمسك به، عليه فإن الواجب أن يكون هذا التراث موضع دراسة وتمحيص ومراجعة واعية وقادرة على فرز ما يمكن الأقاء عليه وهو على كل حال القليل والقليل جدا، وأما الغالب والكثير مما كان معمولا به في الماضي فلا يضر تركه وعدم الأخذ به.
لسبب معروف يدركه الجميع ذلك أنه من المعلوم والمؤكد أن أدوات الحاضر وحاجاته وما يصلح العمل به هي في واقع الحال مختلفة وجديدة وقلما تحتاج أو تستجيب لما كان يمارسه الناس في الماضي وما كانوا يعملونه أو يحافظون عليه.
ولدينا نحن كبار السن عشق للماضي وتمسك به وجفوة من المتغيرات السريعة وموقف من التحولات الخطيرة التي يمر بها العالم من حولنا، وهو موقف تفرضه السن والتجربة والخبرة الماضية الطويلة ولكنه موقف منحاز للرغبة في البقاء لما ألفنا وما مارسنا وعرفنا، والتغيير والتطور يخيفنا؛ لأنه يقتطع شيئا مهما من حياتنا وتجربتنا وذاكرتنا ويغيبها عنا ونحن لا نريد الغياب وانقطاع التجربة ومحو الخبرة.
إن المواقف الحدية التي تتصف بها بعض الآراء والطروحات وحدة المناقشات تجاه ما يحدث من تطور سريع وتغير أسرع في حراك المجتمع هي مواقف ماضوية مشبعة برغبة خفية تجعلنا نقف منها ونرفضها في الوقت الراهن وهي نفسها المواقف الحدية التي كنا نرفضها ونطالب بالتحلل منها عندما كنا شبابا وكنا نضيق بالتقاليد والعادات ونصفها بأنها تقاليد وعادات بالية مثبطة ومعيقة لحراك المجتمع وتطلعاته.
إن حجم المعلومات التي يمارسها الناس ونوعيتها وأوعية وجودها في الحاضر لا يجعل الاعتماد على تراث الماضي معنى ذا قيمة ولكن القيمة والمعنى هو لالكتساب المعرفي الجديد والعمل على توسيع دائرة الاستقبال للمعارف غير التقليدية تلك التي بدأت تصنع معجزات الحاضر وتفجر إمكانات العقل البشري وتطلعات الناس إلى الطبيعة وما وراءها والسباحة في فضاء المعرفة المفتوح أمام إبداع العقول وشحذ إمكاناتها تلك التي نرى الغرب والشرق يبدع في استغلالها وتحول قدراته إلى تسخيرها لصالح المعرفة ولصالح البشرية جمعا.
وفي النهاية العرب والمسلمون بين خيارين خيار التمسك بما في أيديهم من التراث الذي ورثوه منذ آلاف السنين ومحاولة ترميمه وتجديده والعودة إليه والبقاء فيه حيث هم الآن في ساقة أمم الارض.
أما الخيار الثاني فهو استصحاب الثابت من التراث بعد تجريده من هوامشه العريضة المثقلة بالاراء ولافكار البشرية وبعد ذلك الانطلاق في مرحلة التحديث وأخذ ما وصل إليه العالم دون تردد والبدء من حيث انتهت مكاسب الامم التي قادت مشروع الحداثة وتلك الامم التي لحقت بها، ولا خيار غيرهما مهما قلنا وتحدثنا عن مكاسب أسلا فنا وماضيهم الذي نردد الاعتزاز به )تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم(.
- اكبر سجادة زهور تجذب زوار مهرجان الورد الطائفي
- “تقويم التعليم” تعتمد 3 مؤسسات تعليمية و42 برنامجاً أكاديمياً لنتائج شهر أبريل 2024م
- مجمع الفقه الإسلامي الدولي يثمّن بيان هيئة كبار العلماء في المملكة بشأن عدم جواز الحج دون تصريح
- مبادرة لرعاية المواهب الشابة وتعزيز صناعة السينما المحلية
- إبرام أول صفقة بين جامعة أميركية مرموقة وطلاب مؤيدين للفلسطينيين
- المعهد الوطني لأبحاث الصحة يطلق مبادرة أبحاث الأوبئة والتقنية الحيوية
- “تعليم جازان” يحقق المركز الأول في برنامج الأولمبياد الوطني للبرمجة والذكاء الاصطناعي
- الفضاء السعودية تنشئ مركزا عالميا لمجالات الفضاء بالشراكة مع “المنتدى الاقتصادي العالمي”
- فوز باسم خندقجي بالبوكر هو انتصار لصوت الأحرار وللرواية الفلسطينية
- السعودية تستضيف النسخة الـ28 لمؤتمر الاستثمار العالمي في نوفمبر القادم
د مرزوق بن تنباك
نحن بين خيارين : استصحاب او انسحاب
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.alwakad.net/articles/1943648.html