الوعي السعودي الذي يتشكل خلال الفترة الأخيرة، ومنذ ما يقارب السنوات العشر الأخيرة كونها الأكثر حراكا على جميع الأصعدة، لا نجد سؤال الأخلاق يتمثل فيها كسؤال نقدي عميق إلا عند مجموعة من الشباب المهتمين بالقضايا الفكرية أو الفلسفية مما جعل الحديث عن الأخلاق هامشيا حتى الآن في الكثير من حواراتنا والتي تنكشف لدينا كسعوديين معضلة «الوعي الأخلاقي» من خلال حجم الخلل في المفهوم الأخلاقي في التعاملات غير السوية التي نراها يوميا كالكراهية والكذب والغش والخداع والتزوير الأخلاقي والتباغض والحسد والسرقات المالية والإلكترونية والأدبية وغيرها مع كل ذلك الكم المهول من التعاليم الدينية في الثقافة السعودية، والذي لا يقابله ذلك الوعي أو التطبيق الأخلاقي لمعظم التعاليم الدينية المكرسة، وينحصر مفهوم الأخلاق بالجانب الجنسي لا غيره في أي حديث يدور حول المسألة الأخلاقية في حين أن المنظومة الأخلاقية هي منظومة شاملة لكل تفاصيل الحياة اليومية.
الأخلاق كسؤال مباشر مازال في طي الهامش الفكري التداولي ولا نجد لها ذكرا إلا عن طريق أسئلة أخرى تتعلق بسؤال الأخلاق نفسها كسؤال الحرية الذي يتصل فيما يتصل بالأخلاق كما هو اتصاله بقضايا أخرى على اعتبار أن الحرية تشمل أشياء عديدة من ضمنها «الحرية الأخلاقية»، لكن أن يبقى سؤال الأخلاق موضوعا بحد ذاته، فما زال حتى الآن لم يأخذ نصيبه من العمل الفكري والتداول الثقافي.
ينبني سؤال الأخلاق في التعامل مع الآخر، على اعتبار أن الذات الإنسانية لا تعرف ذاتها إلا في وجود آخر، فكل ذات هي بالطبع مقابل ذات أخرى لها كيانها الخاص والمسافة بين هاتين الذاتين ينطرح سؤال الأخلاق، ويتعقّد في عدد لانهائي من المسافات بين الذوات الفاعلة المختلفة دينيا وعرقيا واجتماعيا واقتصاديا وغيرها.
وإذا ما أردنا ربط الأخلاق بمرجعيه ثقافية سابقة، فإن الدين في الثقافة العربية هو ما أسس لمفهوم الأخلاق في الوعي العربي كونه كان ولا يزال وعيا دينيا، والمكون الديني هو المكون الأكثر فاعلية في الوجدان العربي الجمعي، في حين يرى البعض أنه من الممكن أن تنبني المنظومة الأخلاقية في تجاوز المعطى الديني، والاعتماد على المكون العقلي أو الطبيعي (الإنساني)، مما يشكل اتجاهين متباينين في الرؤية إلى المنظومة الأخلاقية.
الفيلسوف كانط في كتاب: «تأسيس ميتافيزيقيا الأخلاق» بنى منظومته الأخلاقية على الإرادة الإنسانية الحرة بوصف الإنسانية غاية في ذاتها وليست وسيلة، بمعنى أن تفعل الفعل مع الإنسان تماما كما تحب أن يفعل لك.
في المقابل، وفي السياق العربي، فإن المفكر طه عبدالرحمن في كتابه: : «سؤال الأخلاق» يبني نقده للحداثة الغربية بمقوم المكون الديني للأخلاق على اعتبار أن الثقافة الغربية هي ثقافة عقلانية طاغية بنت أخلاقياتها على هذه المنظومة العقلية المجردة وهي في نظر طه عبدالرحمن إحدى إشكاليات الثقافة الغربية.
وسواء انبنت المنظومة الأخلاقية على المعطى الديني أو المعطى العقلي الإنساني، فإن الحرية الإنسانية العقلية والدينية هي محور التفكير الأخلاقي ـ في رأيي ـ في التعامل مع الآخر كونها تمثل الاختيارية التي يمكن أن تتأسس عليها الكثير من القيم الأخلاقية والالتزام بها.
إن سؤال الأخلاق سؤال مهم جدا، ويمكن له أن يكون محور الكثير من القضايا التي نتصارع تجاهها، ومع ذلك بقي سؤالا غائبا ومتروكا لدى معظمنا مما شكل لنا أزمة أخلاقية بالفعل كشفت عنها تلك الروح البغضائية، والمستوى الأخلاقي المتردي في الفضاء الإلكتروني الحديث فما الذي ساقنا لذلك غير غياب تأسيس المفهوم الأخلاقي!.
نقلا عن عكاظ
- ابن البناء المراكشي.. سلطان الرياضيات وامبراطور الحساب في العصر الإسلامي
- عهدية السيد تنال جائزة «نساء يصنعن التغيير» من «صوت المرأة»
- تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. البنك الإسلامي للتنمية يحتفل باليوبيل الذهبي
- الجزائر وقطر توقعان اتفاقية لإنتاج الحليب المجفف بتكلفة تفوق 3.5 مليار دولار
- تسليم الفائزات بجائزة الأميرة نورة للتميُّز النسائي
- الورد يستهدف إنتاج ملياري وردة بحلول 2026م
- الجامعة الإسلامية بالمدينة تنظم “مهرجان الثقافات والشعوب” الثاني عشر
- اكتشاف 454 كويكبا جديدا في النظام الشمسي
- اللجنة الوطنية للأسماء الجغرافية تعقد اجتماعها التاسع في الجيومكانية
- توسعة وتطوير مطار الأحساء الدولي ومطار الرس
سؤال الأخلاق في الوعي السعودي
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.alwakad.net/articles/72372.html