لماذا تصر السعودية على العجز والاستدانة
دو بالفعل أن ثقافة المالية العامة السعودية تغيرت خالل الـ9 سنوات الماضية من إطالق رؤية ،2030 حيث
إن هناك بالفعل كما قال وزير المالية السعودي محمد الجدعان إستراتيجية جديدة تتمثل في عكس الدورة
االقتصادية، وليس التماثل معها، فعندما يكون هناك تباطؤ في األسواق العالمية أو في االقتصادات الدولية أو
تباطؤ في االقتصاد المحلي يتم رفع اإلنفاق، والعكس يحدث عندما يكون هناك نمو في االقتصاد العالمي
واالقتصاد المحلي بشكل كبير يتم خفض اإلنفاق لضبط التضخم، وهذا مفهوم جديد لم تكن المالية العامة
السعودية خالل العقود الماضية تستطيع القيام به، ولكن اآلن مع تنوع االقتصاد السعودي واإليرادات بات يمكن
عكس الدورات االقتصادية وتعديلها، وقدرة أكبر على ضبط نمط السياسة المالية للدولة.
إن الحديث عن اإلصرار على االستمرار في اإلنفاق العالي كما في إعالنات موازنة السعودية لـ 2026 وحتى ،2028
يؤكد أن هناك رغبة حكومية في االستفادة من الموقف المالي القوي للسعودية اليوم، وكما يؤكد خبراء
االقتصاد دوما، أَّن من األفضل استخدام أدوات الدين وخصوصا أدوات الدين السيادية عندما تكون الدولة في
موقف مالي قوي، وهو ما تتمتع به السعودية اليوم، بمعنى أن تذهب إلى أسواق الدين العالمية وأنت في
موقف مالي جيد فتحصل على تكلفة أقل وهندسة إقراضية أسهل، وفي الوقت نفسه تستخدم هذه القروض
في تعظيم األثر االقتصادي داخل االقتصاد واالستمرار في دفع عجلة النمو والتنمية.
11.26 -0.01 (-0.09%) شركة المنجم لألغذية 54.9 0.60 (1.10%) صندوق البالد لألسهم الصينية
لماذا تصر السعودية على العجز واالستدانة؟ AM 9:29 12/4/25,
1/10 الرأي/لماذا-تصر-السعودية-على-العجز-واالستدانة/4352-com.aleqt.www://https
وال شك أن العائد االقتصادي الملموس وغير الملموس على الدين العام السعودي الذي حتى اآلن يظل ضمن
األدنى مقارنة بالمعدالت عالميا بالدول األقوى اقتصاديا في مجموعة العشرين، هو عائد كبير سواء على
مستوى االستفادة من توظيف هذه األموال في مزيد من بناء البنية التحتية لمصادر اإليرادات الجديدة سواء في
الصناعة والسياحة والترفيه وتقنية الذكاء االصطناعي أو الرقائق أو غيرها من المشاريع والمبادرات التي تعمل
السعودية على توطينها وتعظيم أثرها فيها، وهو ما أكده وزير المالية السعودي محمد الجدعان في ملتقى
الميزانية، وحتى في المؤتمر الصحافي للميزانية من أن العائد واألثر االقتصادي من الديون السعودية كبير
للغاية في مسيرة تنويع اقتصادها.
ولذلك فإن إصرار السعودية على اقتصاد فيه عجز تحت السيطرة ودين دون المعدالت الخطيرة وضمن
المستهدف في خطة مركز إدارة الدين المعلنة، واالستمرار في االستدانة من األسواق، يبين أن الحكومة تسعى
لالستفادة من قوتها المالية سواء من احتياطياتها المالية في الخارج أو حتى قدرتها على تحصيل إيرادات
تتجاوز اليوم تريليون ريال سعودي في اإلنفاق أكثر من %40 منها من مصادر غير نفطية، واالستمرار في
اإلنفاق على المشاريع اإلستراتيجية التي ستحول االقتصاد وتمنحه مزيدا من التنوع بحلول ،2030 وهذا تفكير
إستراتيجي وثقة من القائمين على السياسة المالية في المملكة العربية السعودية بقدرة االقتصاد الوطني على
المضي قدما في تنفيذ خططه المستقبلية.
فكما تعلمون أن السعودية تمتلك احتياطيات مالية ضخمة، لكنها ال تريد أن تمّول عجز الميزانية منها بشكل
مباشر كل عام، ألن االحتياطيات تستخدم للطوارئ الكبرى فقط. كما أن سحب االحتياطيات يضعف الثقة في
االقتصاد. وأيضا االستثمار بعوائد أعلى أفضل من السحب لتغطية المصاريف. بمعنى آخر: إن ترك االحتياطي
ينمو أفضل من استخدامه لسد العجز.
كما أن استخدام مفاهيم مؤشرات االستدانة ليست مشكلة إذا كانت بفوائد منخفضة، فالسعودية تقترض
بتكلفة منخفضة بسبب قوتها االئتمانية العالية )تصنيف A/A+). وبالتالي، يمكنها االقتراض بفوائد صغيرة
واستثمار أموالها في مشاريع تحقق عوائد أعلى بكثير من تكلفة الدين، وهذا منطق اقتصادي: لماذا أسحب
ملياًرا من مدخراتي إذا كنت أستطيع اقتراضه بسعر منخفض وأستثمر مدخراتي بعوائد أعلى؟
كما أن تمويل مشاريع ضخمة ال يمكن تغطيتها من اإليرادات النفطية فقط، مثل: نيوم ذا الين وتطوير البنية
التحتية والمدن االقتصادية والتحول الرقمي والسياحة والمشاريع اللوجستية الكبرى في النقل والمواني
والمطارات. فهذه المشاريع تكّلف مئات المليارات، وال يمكن تمويلها بالكامل من الميزانية السنوية، لذلك
تستخدم السعودية مزيجًا من اإليرادات، السندات، الصناديق السيادية لتمويل رؤية .2030
ولذا فإن سياسة "تنويع مصادر الدخل" تتطلب استمرار اإلنفاق حتى لو ُوجد عجز. ولكي تخرج السعودية من
االعتماد على النفط، يجب عليها االستثمار في قطاعات جديدة مثل دعم الشركات، وبناء صناعات جديدة،
وتطوير السياحة والطاقة المتجددة. إن هذه االستثمارات ُتكّلف اآلن... لكن عوائدها تأتي وتظهر بعد سنوات.
فالحكومة تعمل على تطوير سوق السندات المحلية والدولية. ولن يتم ذلك إال إذا واصلت إصدار سندات،
وصنعت منحنى عائد واضح، ودعمت المؤسسات المالية في التعامل مع أدوات الدين، يعني الهدف هنا
اقتصادي ومؤسساتي، وليس فقط لسد عجز.. وهنا ال بد من الحديث عن نقطة مهمة وإستراتيجية وهي أن
الرئيسية األسواق الشركات تقارير وتحليالت الطاقة العقارات التكنولوجيا ريادة األعمال األخبار الرياضة المزيد +
لماذا تصر السعودية على العجز واالستدانة؟ AM 9:29 12/4/25,
2/10 الرأي/لماذا-تصر-السعودية-على-العجز-واالستدانة/4352-com.aleqt.www://https
السعودية تقبل أن يكون العجز محدودًا لكنه مستدام على فائض ضخم يختفي لو انخفض سعر النفط فجأة،
فالعجز هنا مدروس، وليس بسبب أزمة، بل بسبب اختيارات استثمارية.
فالخالصة: لماذا تصر السعودية على العجز واالستدانة؟
ألنها تريد الحفاظ على االحتياطيات، وتمويل مشاريع رؤية 2030 الضخمة، وتنويع االقتصاد بعيدًا عن النفط،
وتطوير سوق الدين المحلية، واستغالل قدرتها على االقتراض بتكاليف منخفضة، وعدم ربط الميزانية بتقلبات
النفط، أي -بمعنى آخرـ إن العجز السعودي ليس عالمة ضعف، بل هو جزء من إدارة اقتصادية طويلة المدى من
أجل تحقيق نتائج إيجابية تدعم قوة االقتصاد الوطني.
رئيس تحرير صحيفة "االقتصادي
نقلا من الاقتصادية
