حاولت أن أفهم تفاصيل الصراع على صلاحيات الرئيس التي أثارت اللغط الكبير دستوريا وإعلاميا وميدانيا. ويبدو واضحا أن المشكلة تكمن في كلمة واحدة هي «الثقة».
الإخوان، ومعظم القوى السياسية الأخرى، يعتقدون أن العسكر يريدون الإمساك بالسلطة بالسيطرة على المجلس التشريعي، عندما قاموا بحله، وبتعديل النصوص الدستورية التي فرضوها فرضا. العسكر، يعتقدون أن الإخوان يبيتون النية للسيطرة على كامل الحكم من خلال سيطرتهم على مجلسي الشعب والشوري والرئاسة والحكومة ومن خلالها الحكم الكامل. ربما يعتقد العسكر أن ترك البلاد في يد الإخوان بكل مؤسساتها التنفيذية والتشريعية، بما فيها الأمنية والعسكرية، من الألف إلى الياء سيؤدي حتما إلى سيطرتهم الأبدية، كما فعلوا في غزة وإيران. الوضع الآن، كرسي رئيس الجمهورية شاغر في انتظار نتائج الفرز، التي يزعم كل من المتنافسين، مرسي وشفيق، أنه فاز بأكثرية الأصوات وأنه الرئيس الشرعي. هل ينجح المتصارعان على الحكم، الإخوان والعسكر، أم أن مصر مقبلة على ثورة ميدانية جديدة أو انقلاب عسكري؟
الجدل على صلاحيات رئيس الجمهورية، الإخوان يعتبرونها أصبحت أقل قيمة من أن يقبلوا بها، وهم يريدون رئيسا حقيقيا للجمهورية يملك صلاحيات كاملة. السؤال ما هي هذه الصلاحيات المنزوعة؟
كل ما قرأته يقول إن العسكر سلبوا من الرئيس القادم منصبه كقائد أعلى للقوات المسلحة، أي أنه لا يستطيع إعلان الحرب، ولا يستطيع تغيير هيكل القيادات العسكرية، ولا يستطيع الرئيس أو رئيس الوزراء تعيين وزير الدفاع تحديدا، ولا التحكم في ميزانية الجيش وغيره.
وإذا كان الرئيس لا يهمه إعلان الحرب ولا إدارة شؤون الجيش فإنه يظل رئيسا حقيقيا. للرئيس أن يعين رئيس مجلس الوزراء، ويعين الوزراء وكبار موظفي الدولة، ويمثل الدولة داخليا وخارجيا، وبالطبع يدير كل شؤون الدولة.
طبعا نحن ندرك أن العسكر يأخذون صلاحيات ليست صلاحياتهم تهدد فكرة الدولة المدنية، ومن يدري قد يوسع العسكر نفوذهم ولا يخرجون من الحكم لسنوات مقبلة. إنما أيضا هناك قلق ليس عند العسكر وحدهم، بل فئات أخرى، تخشى أن الإخوان، كجماعة مؤدلجة، لن تحترم استقلال المؤسسات وستفرض هيمنتها، باسم أغلبية الشعب التي انتخبتهم. الصراع على المؤسسات والسلطات معضلة عرفتها تركيا، وقبلها إسبانيا، لكن هذين البلدين نجحا في الانتقال أخيرا إلى دولة مدنية متوازنة فيها كل الأطراف تحترم قواعد اللعبة الديمقراطية. لكن هذا الأمر لم يحدث في السودان مثلا. حيث غدر العسكر عندما انقلبوا على حكم الصادق المهدي المنتخب، وكذبوا على الشعب باسم «الإنقاذ»، وأوهموا الناس أن البلد في فوضى وأنهم جاءوا لإنقاذها لفترة قصيرة ثم إرجاع الأمور إلى نصابها الانتخابي. العسكر يحكمون السودان منذ ثلاثين عاما ويرفضون الخروج.
النموذج الثاني، هيمنة حزب فاشي مؤدلج مثل الخمينيين في إيران. هيمنوا على الحكم باسم الدين وأبعدوا بقية القوى منذ أربعين عاما. وبالتالي الشعب المصري يقع بين كماشة من فكين: الإخوان المؤدلجين ويُخشى أن يهيمنوا على الحكم باسم الدين، والعسكر الذين لا ندري إن كانوا مستعدين لترك الحكم للمدنيين الذين انتخبتهم الأغلبية.
وقد يكون هذا الصراع السياسي والقانوني والشعبي الدائر في القاهرة اليوم جيدا طالما أن لا أحد بعد يمد يده إلى بندقيته. في هذا الظرف الحاسم، من صالح المصريين التوصل إلى توازن يمنع أيا من القوتين الانفراد بالسلطة. الرئيس الإخواني المقبل لن تكون له سلطة على القوات المسلحة، والعسكر لن تكون لهم سلطة على الحكومة المدنية. وهذا هو التوازن الذي عاشته تركيا لعقود وأنجب في النهاية وضعا معقولا.
[email]alrashed@asharqalawsat.com[/email]
نقلا عن الشرق الاوسط
- السعودية تؤكد ضرورة إعادة هيكلة منظمة التعاون الإسلامي وتطويرها
- كشف جديد للغاز في حقل هديبة في الشارقة
- اكبر سجادة زهور تجذب زوار مهرجان الورد الطائفي
- “تقويم التعليم” تعتمد 3 مؤسسات تعليمية و42 برنامجاً أكاديمياً لنتائج شهر أبريل 2024م
- مجمع الفقه الإسلامي الدولي يثمّن بيان هيئة كبار العلماء في المملكة بشأن عدم جواز الحج دون تصريح
- مبادرة لرعاية المواهب الشابة وتعزيز صناعة السينما المحلية
- إبرام أول صفقة بين جامعة أميركية مرموقة وطلاب مؤيدين للفلسطينيين
- المعهد الوطني لأبحاث الصحة يطلق مبادرة أبحاث الأوبئة والتقنية الحيوية
- “تعليم جازان” يحقق المركز الأول في برنامج الأولمبياد الوطني للبرمجة والذكاء الاصطناعي
- الفضاء السعودية تنشئ مركزا عالميا لمجالات الفضاء بالشراكة مع “المنتدى الاقتصادي العالمي”
الرئيس المصري أقل من ملك!
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.alwakad.net/articles/74222.html