على الرغم من الانخفاض الكبير في أسعار المواد الخام والسلع الاستهلاكية في الأسواق الأجنبية ورغم تراجع تكاليف الإنتاج والتصدير وزيادة المعروض من السلع الأساسية، إلا أن السوق السعودي بقي صامدا ولم يعد يخضع لهذه الآلية، إلا بشكل معاكس، لهذه المعادلة وذلك في حالة ارتفاع الأسعار فقط وبذلك نمت وتراكمت هذه الثقافة التجارية الجائرة وأصبح لها علومها وأسرارها كما أن لها دهاقنتها وأربابها الذين يصطادون في ماء التقلبات السعرية العكر ويجنون من ورائها أرباحا هائلة، بعد أن استطاعوا إبطال مفعول التنافسية التجارية والتي عادة ما تلعب كرمانة الميزان في قانون العرض والطلب وربما كان من أسباب ذلك أن 50 % من السلع الاستهلاكية في البلاد يحتكرها 40 تاجرا لا غير، فالسيارات مثلا يحتكرها رجال أعمال لا يتجاوزون أصابع اليد وخصوصا الماركات الأساسية المرغوبة في السوق السعودي، وهذا ينطبق أيضا على الرز وهما أبرز سلعتين تقليديتين بالنسبة للمجتمع السعودي وقس على ذلك بقية السلع الأساسية الأخرى والتي عادة ما يتشكل عمودها الفقري من «كارتيل»خفي يعمل في الخفاء على التنسيق وتحديد الأسعار وسياسة البيع وكل ذلك يتم بطبيعة الحال على حساب المستهلك السعودي .
السوق السعودي سوق حر – لا نختلف على ذلك - لكن الاحتكار الذي حمته بعض الأنظمة الاحتكارية أفسد هذه المنظومة، فالسوق السعودي من أكثر أسواق العالم حرية في الاستيراد والتصدير ولا توجد قيود على التجارة الداخلية أو الخارجية، فلا ضرائب أو جمارك مرتفعة ورغم ذلك بقي سوقا تتحكم في أوصاله مجموعات وعائلات تجارية تقليدية تحكم قبضتها على مقدراته، يحميها في ذلك نظام مستبد للوكالات التجارية والذي تغيرت كل الأنظمة التجارية أو تعدلت لكنه بقي صامدا وليكون نظام كل العصور بلا منافس، منطلقا في ذلك من فكرة أن هذه الوكات والأرباح مكتسبات تاريخية غير قابلة للنقاش التجاري أو السوقي وخارج اختصاص وسلطات وزارة التجارة نفسها
نقلا عن عكاظ