لن يأتي الرئيس أوباما بجديد للرياض هذا الأسبوع٬ فقد خبرنا جديده خلال السنوات الخمس الأخيرة من فترة رئاسته وعبر عنها بوضوح في عقيدته٬ لذلك لا بد أن تكون زيارته هي «الفرصة» التي على مجلس التعاون أن ينتهزها لإيصال رسالة للمرشحين الرئاسيين الجدد للولايات المتحدة ورسالة لحلفائها سواء كانت إيران أو كانوا الجماعات الدينية العابرة للحدود!! إنها مناسبة٬ لا للرد على ما سمي بعقيدة أوباما٬ بل فرصة للإعلان عن عقيدة دول مجلس التعاون تجاه شكل العلاقات الثنائية المستقبلية مع الولايات المتحدة٬ وفرصة لإعادة صياغة أطر العلاقة الأميركية الخليجية بالشكل الذي ستحدده قيادات مجلس التعاون٬ فلن ننتظر أن نعرف عقيدة الرئيس الجديد بعد خمس سنوات أخرى. كما أنها فرصة للإعلان عن موقف دول مجلس التعاون من اللاعبين الجدد الذين أرادتهم الولايات المتحدة أن يكونوا هم حلفاءها الجدد في المستقبل٬ لتحدد الدول وضع هؤلاء الحلفاء في المنطقة. فتزامًنا مع هذه الزيارة٬ بدأت دول مجلس التعاون ومصر والأردن تحد من مساحة «الجماعات الدينية»٬ وأعلنت دول التعاون عن قائمة الجماعات الإرهابية٬ وأغلق الأردن مقر الإخوان المسلمين بعد أن أغلقته مصر٬ لتنهي دول المنطقة بتلك الإجراءات أي أمل كان معقوًدا لهذين الحليفين (أميركا والجماعات الدينية) في تغيير كان مرسوًما لشرق أوسط جديد٬ وتعيد ضبط الأمور لفوضى أريد لها أن تكون لا خلاقة. لقد وأدت الدول العربية مشروًعا وأغلقت بيوت الدمار التي حيكت فيها خيوط ذلك المشروع٬ ومن بعدها ما عاد الشرق الأوسط كما أرادته الولايات المتحدة٬ بل كما اختارته شعوب هذه المنطقة. وحددت دول مجلس التعاون دور إيران في المنطقة كما تراه هي٬ لا كما يراه الرئيس في عقيدته٬ حين أرادنا أن نرضخ لإيران ونتقاسم النوافذ معها!! من بعد هذه الإدارة لم تعد الولايات المتحدة الشريك لدولنا والحليف القوي لأمننا٬ إنما خلال السنوات الخمس الأخيرة شهدنا تغيًرا كبيًرا وسيستمر للولايات المتحدة في سياستها الخارجية٬ بدت ملامحه مع هذه الإدارة٬ ولا يبدو أن هناك فارًقا كبيًرا في أي من مرشحي الرئاسة يمكن أن يعيد تلك السياسة إلى سابق عهدها. لقد ارتضت الولايات المتحدة بمؤسساتها وبجميع سلطاتها أن تشهد سمعتها الدولية ضرًرا كبيًرا راجًعا من مكانتها كقوى عظمى يرتهن على قوتها الأمن والسلام الدولي٬ وظهرت بمظهر دولة ممكن أن يمتطي على ظهرها أصغر الدول وأضعفها٬ بعد أن اختارت استراتيجية النأي بالنفس عن مسؤوليتها الدولية والأخلاقية٬ وهي حرة فيما تتخذ من أدوار ومساحة مراعاة لمصالحها٬ وإنما نحن أيًضا أحرار فيما نتخذه من أدوار ومساحة لحلفائنا في المنطقة مراعاة لمصالحنا. ما عاد الارتهان للتحالف مع الولايات المتحدة والاتكال عليه وارًدا٬ بعد ما أظهر أوباما من تردد في سياساته٬ فشهر واحد فقط يفصل بين رأيين متناقضين تماًما حول جهود دول مجلس التعاون٬ وعلى رأسها المملكة العربية السعودية في مكافحة الإرهاب. الأول رأى فيه الرئيس الأميركي أن السعوديين والخليجيين يريدون أن يكونوا ركاًبا مجانيين في حافلة مكافحة الإرهاب٬ قاله في مقابلة «أتلانتيك» الشهيرة في مارس (آذار) الماضي٬ ورأي ثان مناقض له تماًما يشيد فيه بجهود السعوديين والخليجيين في مكافحة الإرهاب٬ قاله يوم الخميس الماضي في فرجينيا!! كيف لي أن أتفهم هذا التناقض المتغير في أقل من شهر؟ وكيف لي أن أثق بمثل هذه الدولة وأسلم لها قيادة الأمن أو السلم الدولي ولعقيدتها أن ترسم ملامح شرقنا الأوسطي؟ وكذلك كان شهر واحد يفصل بين تصريحه الشهير الذي هدد فيه بشار الأسد بأن استخدام الكيماوي لضرب المدنيين يعد خًطا أحمر الذي أعلنه في مارس ٬2013 والتغاضي عن تجاوز هذا الخط في أبريل (نيسان) من ذات العام٬ حين أقر البيت الأبيض في ذلك الشهر أنهم يملكون أدلة دامغة على أن رئيس النظام السوري استخدم غاز السارين لضرب المعارضة المدنية٬ ثم لم يفعل الرئيس شيًئا حيال التجاوزات وبلع تهديده٬ كيف لي أن أطمئن لشخص لاُيعنى بمصداقيته أمام العالم؟ أي حلف هذا وأي أمن هذا الذي يعتمد على سياسة متذبذبة غير ذات مصداقية؟ لذلك٬ فإن زيارة باراك أوباما تعد فرصة تاريخية لدول مجلس التعاون٬ لتعلن من خلالها عن ملامح المرحلة القادمة التي ستبدأ بها حقبة تحدد فيها موقع هذه الدولة الجديد وتعيد فيها صياغة علاقة استمرت على نهج واحد مدة 80 عاًما ارتبطت فيها المصالح الثنائية ارتباًطا وثيًقا٬ فجاء هذا الرئيس ليفكه
نقلا عن الشرق الاوسط