ولا يبدو التغيير في المرحلة الجديدة كلاسيكيا صرفا، فقد أوجدت الشرائح الثقافية التنويرية في خط متزامن مع أعمال وأصوات الشباب، نوعا من المناورة التي تفرضها طبيعة الزمن واختلافه. لا شك أن المنطقة تورطت في حالة من الفوضى، فنحن نعيش في الجزء الأكثر تعقيدا من هذا العالم. كما نعيش إرهاصات التغيير السياسي والاجتماعي، والأهم الاقتصادي، بسبب تأثير اقتصاديات العولمة في المنطقة كما في العالم. ولطالما أسهمت عوامل متداخلة من الأوضاع الاقتصادية في ذلك؛ كانخفاض معدل الإنتاج والتصنيع، والاهتمام بالعلوم والابتكار، والضعف الهيكلي وحتى تراجع الفنون، كل ذلك أسهم في تعثر التطور الاجتماعي ومن ثم الهوية العامة. وفي أغلب الأحوال فإن درجة الثراء التي تعيشها نسبة ما، لا تتماهى ودرجة التنمية. ورغم قيام المجتمعات في المنطقة على عامل الدين بشكل كبير، إلا أن حركات الإسلام السياسي وما يعبر عنها، حيث يربط التغيير بالدين والهوية وشيطنة الآخر، لا تعبر بأي حال من الأحوال عن الواقع المعيش. بل وجدت نفسها في المرحلة الجديدة تموت موتا سريريا.
ولا يمكن بطبيعة الحال تجاهل خطاب الدعاة الجدد، الذي لا يمكن له مخاطبة العصر الحالي أو التحدث بلغته، حتى وإن ألبس لباسا عصريا. والأهم أنه لا يمكن استمرار حرمان أجيال من استحقاقاتها في التطور في مرحلتها بتأجيل الإصلاحات وتجميد الأزمات. وهو ما يعني في المقابل الحرمان من استخدام الإمكانات والطاقات في وقتها. نحن في زمن معولم، وتطورنا التاريخي هو فرس الرهان. ولا شك أن السعوديين كجزء من هذه المنطقة التي تعيش صراعاتها، يتطلعون إلى ملامح تطور اقتصادي اجتماعي هادئ، منذ الإعلان عن "رؤية السعودية 2030". هي المملكة التي تتربع في منطقة شاسعة من خريطة الشرق الأوسط بقدرتها على القيادة، وبأهميتها السياسية والاقتصادية والدينية والاجتماعية والإعلامية. من هنا وبناء على كل ذلك، تبرز حيوية المرحلة باعتبارها مرحلة إعادة صياغة الهوية، لتعبر عن هذا الدور القيادي المتجدد.