كراهية الناس للمثقف كراهية حقيقية، وكراهيتهم للإسلامي كراهية مفتعلة، وتبقى البرجوازية الرثة هي هي منذ القرن الخامس عشر الميلادي وحتى الآن، إذ تحاول الرقص النفعي على الحبال بين المثقف والإكليروس الإسلامي، وتسمي هذا الرقص وسطية، وأبشع البرجوازيين هم من ينهش حق العمال تحت مبررات (نظام الكفالة)، وأكثرهم دناءة من تضلع بخيرات الوطن حتى ثقلت أقدامه من كثرة الشحم في بدنه، ثم يستكثر على طبقة العمال الناشئة من الشباب السعودي أن تحل محل العامل الأجنبي.
كراهية الناس للمثقف كراهية حقيقية، وكراهيتهم للإسلامي كراهية مفتعلة، فعندما طالب المثقف بسعودة الوظائف، قامت البرجوازية بتحريك الإسلامي لصالحها، فانتفض باسم الدين ضد سعودة الوظائف تحت مبررات دينية تتناغم مع مزاج البرجوازية الرثة في حماية مصالحها، ومن ضمن مصالحها اعتيادها على الريعية التي سببت ضعف الإنتاج لليد العاملة السعودية، وحالت دون نشوء (نقابة عمالية) كتجمع مدني مستقبلي يحول دون تغول الرأسمالية على حقوقها، ويبقى واجب الدولة الإمساك بخيوط التدافع ما بين العمال والرأسمالية لصالح النماء والازدهار لجميع الطبقات دون الوقوع في اشتراكية (الطوابير الجائعة) أو رأسمالية (المسارات الخاصة).
كراهية الناس للمثقف كراهية حقيقية، وكراهيتهم للإسلامي كراهية مفتعلة، فالمثقف يشير إلى عيوب الناس الحقيقية التي تطعن في شرف عقولهم كانشغالهم بتصديق الدجل والخرافة، والمطوع يشير إلى عيوب الناس الوهمية التي تبرر للناس عجزها وكسلها وأمراضها النفسية.
كراهية الناس للمثقف كراهية حقيقية، لأن المثقف فرداني ضد القطيع، وكراهيتهم للإسلامي كراهية مفتعلة، لأنه قائد من قادة القطيع، وفي هذا عند الناس مبرر للاصطفاف مع الإسلامي ضد المثقف، فالمثقف الحقيقي لا يكون جماهيرياً أبداً، باستثناء أن يكون له علاقة بإحساس الناس وعاطفتها، كأن يكون شاعراً، روائياً، مطرباً، أو ممثلاً، وهنا يجن جنون الإسلامي ضد المثقفين من الشعراء والروائيين والمطربين والممثلين لأنهم عدوه الحقيقي، أما المثقف العاطل عن هذه المواهب فيبقى في دائرة النخبة التي تحول بين المثقف ومزاحمة الإسلامي على جماهيره التي حوّلها إلى قطيع، وكلمة قطيع يقصد بهم مثلاً أولئك الذين يشتري شيخهم الإسلامي سيارة يابانية قبل عشر سنوات، فيسألونه عن سر اختياره للسيارة اليابانية، فيجيبهم بأنه لا يضع أمواله في سيارة أميركية شعارها الصليب وأهلها يضربون العراق وأفغانستان بالقنابل، وعقيدة الولاء والبراء عنده فوق كل اعتبار، ثم يتلو عليهم (لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم.... الآية)، فيهلل القطيع لهذا التخريج الفقهي والعقائدي في مسألة شراء السيارة اليابانية وترك السيارة الأميركية، ثم تفاجأ بنفس القطيع بعد عشر سنوات وإذا به يسأل نفس الإسلامي وقد بدل السيارة اليابانية بسيارة أميركية فاخرة، فيسألونه عن سر هذا التبديل فيقول: لقد حرم الله على المؤمنين أكل المجوس فما بالكم بسياراتهم، واليابانيون ليسوا كالأميركيين أهل كتاب، وقد قال تعالى (ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهباناً وأنهم لا يستكبرون)، فيهلل القطيع لهذا التخريج الفقهي والعقائدي في مسألة انتقال شيخهم من ركوب السيارة اليابانية إلى اقتناء السيارة الأميركية، فقد أصبح شيخهم منفتحا ومستنيرا ولديه فقه واقعي منقطع النظير، بينما الأمر من بدايته إلى منتهاه لا علاقة له بمسائل الدين والعقيدة، بل يعود في أصله إلى أن هذا الإسلامي كان متابعا جيدا لأسعار السيارات، والسيارة اليابانية كان سعرها مناسبا في ذلك الزمان، ثم انقلب الحال فأصبحت السيارة الأميركية أرخص، فالمسألة تعود لاقتصاد العرض والطلب في سوق الاستهلاك، ولا علاقة لها لا بعقيدة ولاء وبراء ولا قساوسة ورهبان، ويبقى القطيع يجري وراء شيخه هذا، مرددين أن اختيار الشيخ للسيارة اليابانية وتبديلها بعد ذلك بسيارة أميركية مسألة شرعية عميقة تعود إلى قوله تعالى (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين)، جاهلين خلطهم في هذه الآية بين فعل شيخهم كفعل بشري يخضع لحظوظ النفس، ومنها الرياء كشرك خفي، وبين فعل الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم كفعل نبوي يباركه الله بالتأييد والتوجيه من فوق سبع سماوات، ليتحولوا دون شعور منهم إلى ما وقعت فيه الأمم من قبلهم (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله)، وقد قيل للنبي الكريم: ما نعبدهم يا رسول الله، فقال: أليسوا يحرمون فتحرمون، ويحللون فتحللون، فقالوا: نعم، قال: تلك هي عبادتهم.
ولهذا يكره الناس المثقف أكثر من كراهيتهم للإسلامي، لأن الإسلامي ابن ثقافتهم وحامي حمى ضعفهم، فالعصاب النفسي يراه المثقف جلياً في عيون بعض الناس المتعبة بالفقر المؤجل عبر الأقساط الطويلة، أو التجهيل الفكري عبر دورات تطوير الذات، أو التجهيل الصحي عبر الحجامة والكي وبول الإبل، أو التجهيل السياسي عبر فتاوى الموت والحزام الناسف التي ملأت السجون بعقائديين كالحجر الأصم، وكل تلك الأوجاع يختصرها الإسلامي في عين أو سحر أو تخاذل عن رفع (راية الجهاد)، مما يعزي الناس في خيباتها ويحفظ لها كرامة عجزها، لكنه لا ينزع عنها كل إشكالاتها العميقة لأسباب اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية، يدفنها الإسلامي تحت مبررات الوعظ وهدهدة الرؤوس بكثرة المعاصي، ويعريها المثقف في أزمة البطالة والعنوسة وضعف كفاءة الرعاية الصحية.
- تحت رعاية خادم الحرمين.. تنظمه جامعة الإمام الرياض تحتضن المؤتمر الدولي «دور الجامعات في تعزيز قيم الانتماء الوطني والتعايش السلمي»
- سمو ولي العهد يستقبل أصحاب السمو أمراء المناطق
- وقف إعلان دقوا الشماسي بعد طلب أسرة عبد الحليم حافظ
- مشروع يوثّق المواقع السعودية التي عاش فيها أشهر شعراء العرب عبر التاريخ
- الصين تقدم شكوى إلى منظمة التجارة العالمية ضد الدعم الأمريكي للسيارات الكهربائية
- لبنى الخالدي تشارك في حفل جوائز المرأة العربية
- مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية يستعرض المؤشرات الاقتصادية المحلية والدولية
- قرص دواء واحد” يحاكي فوائد اللياقة البدنية دون ممارسة الرياضة..
- ألواح شمسية في مقل العيون .. خيال أصبح حقيقة
- أحداث وقعت في الخامس عشر من رمضان ابرزها زواج الرسول محمد
مجاهد عبد المتعالي
كراهية الناس للمثقف والواعظ
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.alwakad.net/articles/1929009.html