لتمهل ومراجعة الحسابات يوصلنا في الغالب إلى برّ الأمان.
ستبقى التنمية تراوح مكانها ما لم يفهم الناس حتميات الأولويات في معايير التقدم والإنجازات.
وترحيب الوطن بكل جديد يجري إنشاؤه في محيط أو بيئة أو منطقة لا يعني حتما أنه -أي الجديد- يُرضي الحاجة ويقوم بسد الضرورة.
واعتاد الناس في أكثر من بقعة السعي وراء مشاريع عمرانية وإدارية وتعليمية وصحية وغيرها، يدفعهم حرصهم -وهم مشكورون- على أن تكون منطقتهم قدوة في التقدم، ينظر إليها كل من حولها.
وهذا سعي مشكور وجزء من الطبيعة البشرية ولا غبار على الجد وطلب الجديد.
- أقول إن المركز الصحي يأتي قبل مواصفات مبنى إدارة التعليم - مثلا.
- وأن مستشفى الولادة قبل مبنى المحافظة.
- وأن دور الرعاية النهارية للطفل قبل مشاريع التجميل.
- وأن مركز رعاية الحوامل يأتي قبل مركز إنقاص الوزن.
والرعاية الطبية الأولية أجدى من مركز زراعة الأعضاء. وتطول القائمة وتتشعّب.
ومعظم الدول، إن لم نقل كلها لا تضع في حساباتها المردود السياحي أو الدعائي إلا بعد أن تكتمل البنية الصحية والتعليمية حضريا أو ريفيا. فلم أسمع بقرية أو حاضرة في الغرب تقيم مسرحا رومانيا أو ساحات سيرك وهي تعاني من أزمة اكتظاظ وازدحام وضعط على مرفق لم يُثبّت بعد بإحكام.
والدولة عندنا لديها سياسة، أو قل حكمة، اقتضت النظر في مطالبات الناس، رغبة في تحقيق عدالة متوازنة لإرضاء الجميع. والعامة عادة لا تعرف أن بعض المشاريع يجب تجاوزها إلى مشروع تكون فائدته أعم وأشمل.
رأيي أن المشاريع الكبيرة غير المطلوبة حواجز تجعل استمرار خطى التنمية أمرا شبه مستحيل..