في نهاية الأسبوع الماضي تم الإفصاح عن تسوية الخلاف الذي استمر سنوات بين الهيئة العامة للزكاة وبين البنوك حول الزكوات المستحقة عليها، وقد كانت التسوية لافتة ليس فقط في حجم المبالغ الإضافية التي ستقوم بعض البنوك بدفعها للمصلحة، بل وفي ذلك التفاوت الكبير بين البنوك في حجم المبالغ، فمنها من سيدفع أكثر من خمسة مليارات ريال إضافة لما دفعه سابقاً، ومنها من لن يدفع أي مبلغ إضافي، ومنها من سيوفر من المبالغ التي خصصها للزكاة ويعيدها لحقوق المساهمين، وهذا التفاوت الشديد في تقديرات البنوك لزكواتها يؤكد عدم وضوح النظام الزكوي الذي كانت البنوك تقدر زكواتها وفقه، أو كونه قابلاً لاختلاف وجهات النظر على الأقل، إذ لا يعقل أن يكون سبب هذا الاختلاف الكبير مجرد المزاج والاستخفاف بالأنظمة، ويؤكد هذا أن المبلغ الأكبر من بين تلك المبالغ الإضافية والذي تجاوز خمسة مليارات ريال لم يكن على أحد البنوك التقليدية، بل على أحد (الإسلامية) التي يفترض أنها أكثر المصارف التزاماً بالتعاليم الشرعية.

هذه المشكلة الناتجة من عدم وضوح النظام فيما يبدو أفرزت تسوية غير واضحة الأسس، ولا أقصد أن أسس التسوية غير واضحة للمختصين في هيئة الزكاة والبنوك فلا بد أنها واضحة لهم، ولكن أقصد أنها غير واضحة لمن تم الإعلان لهم وهم عموم المواطنين أو على الأقل المتداولون في السوق المالية ومساهمو البنوك الذين يهمهم معرفة معايير التسوية، بل في الواقع هم المعنيون بها.

لقد عرف هؤلاء ما ينبغي على كل بنك دفعه لهيئة الزكاة من مبالغ إضافية حتى نهاية عام 2017 م، وعرفوا تأثير ذلك على حقوق المساهمين من واقع إيضاحات البنوك، لكنهم لم يعرفوا معيار التسوية الذي لا بد أنه يختلف كما يبدو عن مقتضى النظام الذي قام بسببه الخلاف، وأرى أنه من حق كل مواطن، وكل متداول في السوق وكل مساهم في تلك البنوك معرفة ذلك.

هذا المساهم الذي فوجئ بأن أكثر من خمسة مليارات ستطير من حقوق المساهمين في مصرفه، وهذا المتداول الذي قد يشتري أو يبيع غداً أو بعد غد أسهم أحد تلك البنوك، كيف لا يبلغ بالمعيار الذي تم اعتماده في تسوية المطالبات الزكوية مع أنه المعني الأول بها، خاصة أن التسوية تشمل كما جاء في الإعلان عام 2018 الذي لم يكتمل ولم تخرج نتائجه المالية، فإذا كان المتداول لا يعرف الأسس التي ستحدد البنوك زكواتها لذلك العام المالي وفقها فكيف يا ترى يقيم ويحدد خياراته ويتخذ قراراته؟.