التأمين الصحي للمواطنين قضية ملّحة مرّ عليها سنوات، وكل وزير يتولى حقيبة «الصحة» يبشر عن قرب بدأ التأمين، وكان الاشكال يتمحور حول أي نظام تأمين صحي عالمي نأخذ به.
وزير صحة سابق كان متحمسا للنظام الكندي، ومن أتى بعده تحمس لنظام أوروبي آخر.
والحقيقة الأكيدة أن ملف التأمين الشامل ما زال يراوح مكانه، حتى أن الوزير الحالي توفيق الربيعة كان قبل أشهر وفي أي فعالية صحية يؤكد قرب موعد تطبيق التأمين الطبي، وكنّا نستبشر بذلك، ولكنه قبل أسابيع وفي مقابلة تلفزيونية قال: «إنه خلال خمس سنوات سيكون هناك تأمين طبي شامل ويغطي كل الأمراض ومنها المستعصية»، كلام جميل ما قاله الوزير ولكن فترة الخمس سنوات طويلة جدا، لماذا لا يبدأ تطبيقه من الآن وبالتدرج، خاصة للفئات الأكثر حاجة مثل كبار السن والمتقاعدين، إذ إنهم يحتاجون لرعاية صحية مستمرة وحالاتهم لا تقبل التأجيل، لاسيما أن هناك ضغطا رهيبا في المواعيد التي قد تصل لأشهر في المستشفيات الحكومية، ومع وجود تأمين طبي للأفراد قد يختارون العلاج في مستشفيات خاصة وهي كثيرة وذات جودة عالية.
معايير «جودة الحياة» التي نصت وأكدت عليها رؤية المملكة ٢٠٣٠ وكما قال الوزير في مقابلته التلفزيونية أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مهتم جدا بهذا الملف، ونحن متيقنون أن قيادتنا تضع مصلحة المواطن ومنها الرعاية الصحية في أعلى أولوياته، لا شك أن مراكز الرعاية الصحية الأولية مشروع جبار، ولكن تغير ثقافة هذا النظام تحتاج إلى وقت طويل ليتعاطى معها المجتمع بشكل عملي وفعال، على رغم أن بعض هذه المراكز الصحية الآن تشهد ازدحاماً كبيراً وأصبحت المواعيد فيها تحتاج فترة انتظار ليست بالقصيرة.. يا معالي الوزير، لا شك أن التوعية مهمة كما ذكرت ولكننا في حالة تتطلب العلاج السريع، بعضنا وهم من الغالبية لا يستطيعون الانتظار للحصول على الرعاية الصحية، فنجد أغلب المستوصفات الخاصة هي المستفيدة من التأخير في العلاج في المستشفيات الحكومية.
بعض المواطنين يتخوفون أن تتمدد فترة الخمس سنوات إلى سنوات أطول كما حدث مع وزراء سابقين ومعالجتهم لملف التامين الصحي، على رغم تفهمي لما ذكره الوزير بأن مشروع التأمين الصحي هو مشروع وطني لا علاقة له بمن يدير الوزارة، لكن إقرار مظلة التأمين للمواطن يجب أن تقر بأسرع وقت ولا تضيع جهودنا في مناقشة أي نظام نستخدم، من يقرأ أرقام الموازنة السعودية الخيرة يجد أنها تخصص مبالغ بليونية لقطاع الصحة والتعليم، لكن نريد أن نتخطى هذا النقاش البيزنطي حول أحقية المواطن في التأمين الطبي، وأنا على قناعة أن وزير الصحة الدكتور توفيق الربيعة مبدع في أي حقيبة يتولاها، وفي حال خرج هذا المشروع في فترته فسيخلد التاريخ اسمه وانحيازه للمواطنين الذين يعانون اقتصادياً في الحصول على رعاية طبية مجانية.
نقلا عن الحياة اللندينة - السعودية