يتابع عدد غير بسيط من الناس بدهشة وإعجاب كبيرين أصداء نجاحات مهرجان طنطورة، الذي يضم في برنامجهمجموعة من أهم الفنانين المحترمين من شتى أنحاء العالم، وتقدم فقرات البرامج فيه بشكل مهني واحترافييضاهي مهرجانات عالمية عريقة أخرى. وهي خطوة تحسب كإضافة فورية ومبهرة لوزارة الثقافة. مهرجانطنطورة كان يهدف إلى تقديم أهم منتجات العالم الثقافية الفنية إلى الجمهور السعودي، ولكن التحدي الذيسيلي ذلك هو تقديم المنتج الثقافي السعودي إلى العالم. وهذا يقتضي تنسيقا دقيقا بين جهات مختلفة هيوزارة التعليم ووزارة الإعلام وهيئة الترفيه. فالمدارس مطالبة بزرع روح الثقافة في المهد، وذلك بتبني أعمالعالمية للاطلاع على ثقافات الأمم والشعوب لكسر أسوار الخوف والقلق والريبة والشك من الآخر، وزرع روحالتسامح والتعايش وقبول الآخر، ليتحول كل ذلك إلى أسلوب حياة يزرع في الصغر فيقدم في الإعلام عبر مواددرامية تخاطب رسائل التعايش في الداخل بين أبناء الوطن نفسهم، فتقدم قيم مكافحة العنصرية والتمييزوالمفاضلة بكل أشكاله المذهبية والقبلية والمناطقية، فالعنصرية متى ما تركت بلا رادع توعوي ضدها نمتوتغرست واستشرت حتى تحول إلى سرطان ينهش ويفتك بالجسم الوطني، وكذلك مواجهة تحديات التشددالفكري والتطرف والفساد والحوار وقبول الآخر، كل ذلك سيولد فكرا ثقافيا سعوديا مستقبليا قادرا على صناعةتغيير حقيقي، وقتها كل ذلك الجهد سيولد إبداعا خلاقا استثنائيا قادرا على صناعة الفارق المؤثر، وعندهاسيكون من الممكن تقديم «المنتجات» الثقافية ككتب ومسرحيات وأفلام وعروض موسيقية وأوبريتات غنائيةفيها رسالة تثقيفية وترفيهية في آن واحد. حاليا ما يحصل هو حراك مهم معني بقبول أرقى ما لدى الأمم منعروض وثقافة وفنون، تشتمل على المتاحف والمسرحيات والاستعراضات والمؤلفات المكتوبة، وهذا حتما في
غاية الأهمية. ولكن الكل في العالم ينتظر بلهفة وشوق ما الذي لدى السعوديين ليقدموه من فنون وثقافةبعد الخطوات الثقافية الكبرى الأخيرة، فحجم الحراك الحاصل «لاستقبال» ثقافات العالم من الطبيعي أن يرفعسقف الطموحات استعدادا لما لدى السعوديين أن يقدموه. عدم العمل في جزر منفصلة بين الجهات المذكورةمسألة حيوية مطلوبة حتى يكون الجهد متكاملا. الثقافة واجهة حضارية للشعوب. هولندا تعرف بأنها بلد الفنانالتشكيلي فان جوخ، النمسا بلد الموسيقار موتزارت، وألمانيا بلد الموسيقار بتهوفن، وفرنسا بلد متحف اللوفر،وإيطاليا بلد مايكل أنجلو وليوناردو دافنشي، وفي مصر يفخرون بعبدالوهاب، وسيد درويش، وأم كلثوم، وفيلبنان يرفعون رأسهم بفيروز، وجبران خليل جبران. الثقافة عنوان للشعوب فلنهتم بها بعمق داخليا كما خارجيا
نقلا عن عكاظ