فتحت تغريدات متحدث الخدمة المدنية السابق مجدداً، ملف برنامج استقطاب الكفاءات المتميزة: ماهيته، وكيف يقع اختيار الموظف، الأمر الذي فتح باب الواسطة والمحاباة في التوظيف واختيار الكوادر المؤهلة، ويأتي هذا الجدل في وقت تحارب الأجهزة الرقابية الفساد في القطاع العام بكل أشكاله. وقد أمر خادم الحرمين بتوفير دوائر لمكافحة الفساد في فروع النيابة العامة، ولكن بدأ يسود في الأوساط المراقبة للمشهد نوع من الإحباط لإصرار بعض المسؤولين من ذوي المراتب العليا على عدم الاكتراث بهذه التوجهات والتوجيهات السامية.
اليوم، هناك نوع من الخلط للأوراق فيما يتعلق باستقطاب الكفاءات المتميزة، وما يطلق عليه مقارنة سعر الوظيفة الحكومية بسعر الوظيفة في القطاع الخاص، فأصحاب مصطلح استقطاب الكفاءات يبررون سلوكهم بأن هناك حرسا قديما في الوزارة أو المؤسسة الحكومية، وأنه يستحيل التعامل معهم، والحقيقة أنهم أتوا بأفكار ومعتقدات وأحكام سلبية مسبقة قبل أن يتعاملوا مع ما يطلق عليهم الحرس القديم، فيبادرون بإقصائهم، وركنهم، وعدم السماح لهم بالمشاركة الوطنية كموظفين وطنيين، ثم يخلقون بينهم وبين هؤلاء الوطنيين حائطا من السلوكيات والأفكار الشخصية التي لا تمت بصلة للمصلحة العامة، ثم ما يلبثون أن ينفذوا أجندتهم في استقطاب المحسوبين عليهم من الأصدقاء وزملاء الدراسة من باب أنهم يثقون بهم تحت بند استقطاب الكفاءات المتميزة، ثم ما يلبث أن يمارس أولئك المستقطبون سلوكيات غير مقبولة تزيد من توسيع الفجوة وزيادة الشرخ؛ لإثبات أنهم هم الصالحون والأكثر إخلاصا ووطنية.
أما ما يتعلق بسعرهم في السوق، فأصحابنا المستقطبون وجدوا أن شغلهم في وظيفتهم كأطباء استشاريين أو موظفين على الخدمة المدنية "ما تأكل عيش" ليجدوا أمامهم فلوسا على طبق من ذهب.. ولأن الفرص لا تأتي إلا مرة واحدة، سوقوا أنفسهم على أنهم خبراء في الإدارة والقيادة والإبداع، ومنظرون إداريون وقادة للتغيير، وأن سعرهم الحقيقي هو سعر المديرين التنفيذيين في كبريات الشركات الاستثمارية العالمية والمصانع المنتجة، وهذه المقارنة غير مقبولة ما بين موظف قطاع عام غير ربحي، وموظف قطاع خاص ربحي يستثمر في القيادات التي تُحدِث تحولا و"تجيب فلوس".. وإذا استنفدت ميزانية بند الاستقطاب، يتم التعاقد مع إحدى الشركات الحكومية لتتحول من الهدف لإنشائها، وهي شركة للحلول التقنية، إلى شركة موارد بشرية وتوظيف، ولكن بعقود تسترية لا تمت للنزاهة بصلة.. وأخيرا؛ هل صنع أولئك "الأكفاء" الفرق، أم أكملوا أدوار الموظفين الحاليين، واستحوذوا على مجهوداتهم تحت مسمى "المكاسب السريعة"؟
نقلا عن الرياض