تواجه المملكة مجموعة من التحديات الداخلية اقتصادياً واجتماعياً، ويأتي في مقدمتها تحقيق الرفاه الاجتماعي، وكيفية الارتقاء به، ليكون أكثر تطوراً ليصل للمستويات العالمية، ويلبي تطلعات أفراد المجتمع.
وأحيانا يبالغ البعض في امتداح طريقة تعامل الجهات المختصة في المملكة مع تلك التحديات، ويظهر صورة تبدو أحيانا غير واقعية، وقد لا تندرج تحت بند التفاؤل. وعلى النقيض يطرق البعض كل وسائل التشاؤم، في النقد لكل ما تقوم به الجهات المختصة بالمملكة في مواجهة تلك التحديات، ويغلب عليهم الأسلوب الشعبوي المستغل لمشاعر العامة.
ونجد أنَّ كلا الفريقين جانبهما الصواب في هذا الصدد وتأثيرهما سلبي على المدى القصير والطويل، وللأسف فإنَّ الصوت الواقعي والعقلاني والمنطقي يخفت في مواجهة ذلك الزخم.
فإذا قمنا بتحليل علمي ومختصر مبني على الأرقام وابتعدنا عن المصادر المتحكم بها من قبل جهات معادية وتملك أجندات معروفة لدى الجميع؛ سنخرج بانطباع مستقل وواقعي عن الوضع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي في المملكة.
إنَّ الرفاه الاجتماعي يعد أحد أهم التحديات التي تواجه أغلب دول العالم والمملكة وقد يختلف البعض في تعريف الرفاه الاجتماعي، ولكن في مجمله يهدف لتمكين المواطن والمقيم، من خلال خدمات تتيح لهم ممارسة حياتهم بكل يسر وسهولة؛ لذا فهو يعكس مدى قوة الاقتصاد الوطني للدول واستقرارها السياسي.
ووفقا لهذا التعريف، يتمثل الرفاه الاجتماعي في عدة أوجه، كتوفر السكن الملائم للأسرة والوظيفة المناسبة، وجودة التعليم، وتوفر رعاية صحية متطورة، إضافة لتعدد خيارات وسائل النقل، وإتاحة برامج لتطوير الذات لكافة أفراد الأسرة، بجانب الأمن، إضافة إلى احترام الحرية الشخصية.
ويندرج تحت الرفاه الاجتماعي، توفر نظام متطور للتقاعد وعوامل أخرى، منها جودة وسائل الترفيه والثقافة والرياضة، التي تلبي رغبات مختلف فئات المجتمع، وذلك وفقا لما أشارت إليه رؤية المملكة 2030 بالوصول إلى مجتمع حيوي يوفّر للجميع حياة كريمة؛ ولتحقيق هذه الأهداف، وضعت عدة برامج تنفيذية، تتعلق بإعادة هيكلة الاقتصاد الوطني؛ حيث نفذت مختلف قطاعات الدولة إصلاحات اقتصادية واجتماعية، وثقافية، مدفوعة بقرارات حكومية، مهدت لإطلاق عشرات المبادرات والمشروعات.
وقد انتهجت الدولة إصلاحاً، تمثل في سياسة التخصيص في القطاع العام، للارتقاء بمستواه ورفع كفاءته الإنتاجية، بصورة تلبي المتطلبات والتطلعات المستقبلية والتي بدورها ترفع مستوى الرفاه الاجتماعي، بمختلف فئاته ومكوناته وهنا سيكون السؤال عن أثر الإصلاحات على الرفاه الاجتماعي.
وما يدل على اهتمام الدولة بالرفاه الاجتماعي تخصيصها مؤخراً في موازنة 2020م نحو 167 مليار ريال لقطاعي الصحة والتنمية الاجتماعية و193 مليار ريال لقطاع التعليم، وذلك بنسبة تصل لـ35 في المئة من إجمالي الإنفاق الحكومي، وهذه القطاعات تمثل ركيزة أساسية في الرفاه الاجتماعي.
وأخيراً ينبغي الاعتراف: أنه لتحقيق التطور في هذا المجال نحتاج المزيد من الوقت ونحن نثق بالإصلاحات المستمرة التي نفذتها الدولة، بمشاركة القطاع الخاص، وبتجاوب من المواطن؛ والتي تؤكد أننا نسير في الطريق الصحيح بما يوفر الرفاه الاجتماعي المطلوب مع الحاجة دوما للمراجعة الدورية والقياس الحقيقي من جهات مستقلة عن الحكومة.
نقلا عن صحيفة الرياض