ذكرني احد الأعزاء المهتمين بالشأن العام ومن تجاوز طرحه المجتمعي حدود المناطق
ليكون شموليا من جازان حتى طريف ومن الماء إلى الماء من خلال سؤال .ماذا تعرف عن #قهوة_ثمرا في بيشة ؟ والحقيقة أنه بسؤاله كمن صفعني لأستيقظ من غفلة إهمال
الحديث عن جهود هذه المرأة ثمرا وتنطق ايضا ثمرة بالتاء المربوطه رحمها الله والتي
سبقت زمانها بجهود تذكر فتشكر جعلها الله في ميزان حساناتها ، رغم أنني أشرت بإيجاز
في عدة مقالات سابقة لشيء من ذلك ،لكن لعلي اليوم وبعد أكثر من 55 عاما من ملامسة جهودها التي سبقت ذلك التاريخ بأربعة عقود تقريبا أستدرك وأخصص مقالة قد لاتوفيها حقها، لكن ذكر شيئا من جهودها خير من تناسيها ، شاكرا للسائل وفقه الله إستفزاز وإستنفار ذاكرتي لنقل ولو صورة تعبيرية تقريبية مصغرة عن تلك الناشطة في زمن كانت فيه كما أشرت سباقة ومبدعه.
شهرة هذه المرأة تمثلت من تأسيس مقهى في بيشة كان الوحيد الذي يشكل ملتقي
شامل لكل المتنقلين عبر بيشة إلى كافة مناطق المملكة، يومها كانت بيشة نقطة التواصل البري بين مناطق المملكة وممر الحجاج من اليمن الشقيق ذهابا وإيابا ،ولا أعتقد أن احد
مر بيشة في تلك الحقبة لايذكر ويستذكر هذه القهوة ، حيث كانت ملتقاهم ومحطة رحالهم جماعات مشاة وركبانا ذكورا واناثا، مابين عابر سبيل ومتسوق وطالب علم وباحث عن
وظيفة وموظف جديد قادم لبيشة وممتهن نقليات ، كانت ملتقي نتج عنه معطيات تجازت
الإستراحة والإسترخاء البدني إلى جوانب أخرى مشرقة شكلت ابعاد خدمية نشاهدها
اليوم هنا وهناك من خلال مؤسسات وشركات عالمية ، حيث كان هنالك مايشبه أعمال
البريد اليومي والخدمات الفندقية من سكن مؤقت وإستقبال وارسال الرسائل الخطية من
خلال العابرين وسيارت النقل وتناقل الآخبار ، ايضا كان هنالك غرفة ما يشبه اليوم
بالترانزيت خاصة بالآمانات تودع بها الأغراض والبضائع لحين قدوم الأهالي لسوق الربوع
بالروشن أو سوق الخميس بنمران ، اوالأسواق المجاورة أو لحين مرور العابرين من
المناطق والقرى المجاورة ،وكان آهالي بيشة المشهورين بالكرم يتصيدون ضيوفهم من بين ردهات هذا المقهى ، ومن الذكريات العالقة بالأذهان أن هذا المقهى يتحول من بعد شهر
رمضان إلى منتصف شهر محرم إلى مدينة حجاج وذلك لقدوم الحجاج من اليمن ثم
مغادرتهم حيث تجد الساحة المقابلة مع كل شروق شمس تكتظ بالشاحنات وبالمئات من
الحجاج في مشهد رهيب ، بل ذهبت تلك المرأة أيضا إلى ماهو ابعد وأشمل حيث كانت
تأوي طلاب العلم بالسكن المجاني والإعاشة أحيانا ، وأذكر زملاء لي بالإبتدائي والمتوسطة يذكرون لها ذلك ويشكرونه ، حيث ان ابائهم حينما وفدوا للتعلم اوكلوا امرهم بعد الله اليها
وكانوا مميزين في دراستهم بل ومتفوقين ، و كانت تذهب إلى مكتبة الثقافة في بيشة
وتشتري بنفسها مجموعة كبيرة من المسلتزمات المدرسية من حقائب ودفاتر ومساطر
واقلام وعلب هندسة والوان قبل كل موسم دراسي وتوزعها على الطلاب الذين تبنتهم بل
تذهب إلى بعض البيوت المحتاجة لتسلمهم إحتياجات التلميذات وكان هنالك امرأة آخرى
تعهد اليها بهذه المهمة ،وقد نقل لي ذلك الصديق العزيز : قاسم عبدالحميد صاحب المكتبه رحمه الله ،ولا أبالغ إذا قلت أنها أول من أوقف عمارة مسجدا بنيت حديثا يومها بالإسمنت
المسلح في "حارة السعدية" مع التأثيث ودورة وضوء، هذا بعضا من جهودها لامستها
شخصيا وعايشتها من خلال وقائع معايشة على الطبيعة ، إذا لاغرابة إذا قلت أنها امرأة
سبقت عصرها وشكلت ملتقي مجتمعي تنموي خلاق .. رحمها الله رحمة الأبرار وجزاها الله خيرا وجعل ما قدمت خالصا لوجهه الكريم .. ومعذرة آخرى عن التأخير والتقصير والله من
وراء القصد ..
التعليقات 2
2 pings
عبدالله السبيعي
29/03/2020 في 2:45 م[3] رابط التعليق
شكرا صالح المعيض
مقال رائع عن التاريخ والذكريات الجميلة
وزمن الطيبين ،
وقهوة ثمرا هي اجتماع أخوي في وقت
حاجة الكثير الى الاخلاء بنفسه عن عالم الاحزان
كانت ملتقى الطلاب والمسافرين وزملاء
يجمعهم الاخاء والمحبة والصدق و حسن الخلق
والبر والصداقة الحقيقيةدمت بعز
غرم الله قليل
29/03/2020 في 8:29 م[3] رابط التعليق
ثمرة / ثمرا تمثل كرم أهلنا في بيشة خير تمثيل ..
لا أعتقد أحد يجاري كرم سكان بيشة ، والمرأة البيشية كريمة ككرم الرجل البشي وربما زيادة عنه ..
رحم الله ثمرا وأحسن نزلها ..