یشكو إخواننا طلبة العلم الشرعي كما یسمون أنفسھم ما یواجھون من الناس أو من یسمونھم العامة الذین یتحدثون عن المیراثالثقافي والتراثي الفكري بمجملھ، ویناقشون ویجادلون فیھ وینتقدون بعض الآراء والتفسیرات القدیمة، وربما النصوص التيیعتبرھا طلبة العلم الشرعي من اختصاصھم ومن حقھم ألا یتحدث بھا غیرھم، ولا یقول بھا إلا واحد منھم، ویعولون فیما.یدعون على تاریخ طویل من الاعتماد على أن یكون الأمر لھم خاصة ومن سواھم لا یجوز لھ أن یتحدث عن شيء ھم أعلم بھ ولم یسبق أن واجھوا مثل ھذا الحال ولا أسلافھم من قبل، وھم على حق في بعض ما زعموا من دائرة التخصص العلمي في.الحقول الشرعیة التي ھي مناط اتجاھھم واجتھادھم
ومع أن بعض الناس سیتعاطف معھم لأنھم كانوا یمارسون نشاطھم العلمي في دوائر مغلقة علیھم وخاصة بھم والخلاف بینھم -
والناس بعیدون عنھم - والاجتھاد كذلك، ومن یسمونھم العامة كانوا في دوائر أخرى من دوائر الدنیا العریضة، لم یكن بین.طلاب العلم الشرعي والناس اتصال أو مشاركة مباشرة إلا ما لا بد منھ وھو القلیل
كانت دروسھم وجدلھم والاتفاق والخلاف محصورا في حلقات المساجد التي لا یغشاھا العامة ولا یعلمون ما یدور فیھا، وھذا ماجعلھم یستاؤون كثیرا مما یحصل في ھذا الزمن حین شاركھم الناس قراءة التراث العربي والفكر الإسلامي ویتحدثون عنھا .ویقولون فیھ وفیما فھموا منھا لكن دوام الحال من المحال، فالناس الیوم عامة وخاصة أصبحوا یقرؤون ویعرفون مثلما یقرأ ویعرف أصحاب العلم الشرعي،لا سیما العلوم النظریة وما في التراث من نصوص مفتوحة للقراءة ولیست مغلقة الفھم على أحد حتى من لیس من أھ.التخصص الشرعي لكنھ من أھل الاھتمام بالمشترك الثقافي، مثل أھل الاختصاص التجریبي كالطب والھندسة وما یتعلق بھماوطلاب ھذه العلوم أو أكثرھم یحسنون تفسیر بعض ما في التراث النظري من معان ودلالات لا یحسنھا أھل القراءات النمطیة،
ومثل المتخصصین في العلوم الطبیعیة كذلك المتخصصین في التاریخ وأھل الفلسفة والمنطق الذین یقرؤون الموروث قراءاتمفتوحة على احتمالات شتى ومعان جدیدة وتفسیرات ممكنة أملتھا متغیرات الحاضر واختراعاتھ وإبداعاتھ، ولن یستطیع طلاب.العلم الشرعي منعھم ولیس من حقھم ذلك أیضا
ما یستطیع طلاب العلم الشرعي لیس منع الناس بل تطویر مھاراتھم قبل غیرھم وتحدیث قدراتھم ومواجھة الأسئلة التي تثیرھاكثیر من المرویات والنصوص التاریخیة، یستشكلھا المعاصرون، وھي أسئلة مشروعة وضروریة أن یجیب علیھا الشرعیون.إن كانت لدیھم إجابة معقولة لما یثیره غیرھم
التغییر الھائل في الأفكار وفي المخترعات وفي كل شؤون الحیاة وشجونھا لا یجعل التفسیر التراثي للنصوص كافیا لما جد فيالدنیا في الوقت الحالي، التغیر الرھیب الذي أحدثتھ مخترعات الیوم وضروراتھ، لا یسمح بالاتكاء على الأرائك وتردید تفسیرالأولین للنصوص، ما جد من ضروب التعامل مع الأحداث ومع الناس وبینھم یحتاج فقھا جدیدا وتفسیرا مواكبا وعقولا مفتوحة
تقرأ النص لمتطلبات الحاضر وتجیب على التساؤلات المشروعة التي ملئت بھا حیاة الناس وشغلت فكرھم
اجتھادات الأولین وتفسیراتھم وآراؤھم كانت لزمانھم وعالجت حاجاتھم، واستجابت لأسئلتھم، ولكنھا لیست للمعاصرین ولاتلبي حاجاتھم ولا تستجیب لمطالبھم، وطلاب العلم الشرعي إذا أرادوا إقناع المتلقي بما لدیھم وبقدراتھم وتخصصاتھم فعلیھم
تصور مشكلات الحاضر وتساؤلات الناس وتفسیر النص الثابت، مستصحبین الحال الذي یعیشونھ ولیس اجتھاد الأولین
.وتفسیراتھم، وإن لم یفعلوا فلیس من حقھم رفع عصا التخصص الذي لم یعملوا بھ ھم قبل غیرھم في وجوه المتسائلین
Mtenback@
نقلا عن مكة