قبل الدخول في التساؤل عن توقف الإنتاج الدرامي المحلي تلفزيونياً، لابد أن أشير كمشاهد إلى أن تلفزيوننا السعودي هو المؤسس الحقيقي للدراما السعودية والداعم الأول لها، حيث جعل الدراما تعكس واقعنا، وهذا ما يريده المشاهد من الشاشة الصغيرة، أن تعكس الدراما واقعنا الاجتماعي.
مع بداية كورونا قدم التلفزيون لمشاهديه (قناة ذكريات) شاهدنا من خلالها أعمالاً درامية وبرامج متنوعة لها 15 سنة وما تزيد، ولأني عايشت المرحلة التي أنتج فيها التلفزيون تلك الأعمال والبرامج وشاهدتها في حينها وكانت جيدة في مجملها، أتساءل أين الاستمرارية في الإنتاج والنمو والتطور والجودة؟ ففي الثلاث سنوات الأخيرة تقريباً توقف التلفزيون عن استمرارية ونمو وتطور الإنتاج المحلي، برغم أن الدراما السعودية سلعة مطلوبة للمعلن والمشاهد معاً، لكن لم نعد نرى اهتمام التلفزيون بالإنتاج الدرامي المحلي! وكلنا يعلم أن رؤية (2030) الوطنية تدعو إلى تطوير الإنسان السعودي في كافة المجالات الحياتية، وبالتالي ولضمان بقاء المنتجين والممثلين والمخرجين في بيتهم الأول (التلفزيون السعودي) بدلاً من خروجهم حاملين أعمالهم باحثين عن فرص في قنوات تلفزيونية غير سعودية، لا بد للإنتاج الدرامي السعودي أن يحظى بمكانته التي يستحقها شريطة أن يكون المنتج والممثل والمخرج وطاقم العمل الفني قادرين على صناعة عمل جيد يكفل للتلفزيون استمرارية إنتاجه وتطوير منتجه وفق الرؤية الوطنية.
لقد كانت المفاجأة صادمة وغير متوقعة عندما أحبط التلفزيون أعمال بعض المنتجين السعوديين الذين قدموا أعمالهم في العام الماضي مكتفياً بإنتاج مسلسل كوميدي وحيد (مليار ريال) تم عرضه في رمضان الماضي، كذلك عرض مسلسل تراجيدي وحيد (ضرب الرمل) في وقت كانت الآمال معلقة على وجود أكثر من عمل محلي، فالأول ظهر فيه ضعف الأداء الفني في كافة عناصره، والثاني ظهر أيضاً فيه السيناريو خارج سياقه الفني وغير متسلسل الأحداث، ولولا وجود الفنان المطرب الشعبي خالد عبدالرحمن لما شاهده أحد!.
أخيراً، عندما كانت وزارة الإعلام ممثلة في القناة الأولى هي منتجة للأعمال سابقاً، كنا نشاهد أعمالاً خالدة، وعندما أخذت هيئة الإذاعة والتلفزيون مهمة الإنتاج المحلي، تقلصت حظوظ المنتج والممثل والمخرج السعودي، فلم نعد نشاهد شيئاً يستحق المشاهدة إلا ما ندر، أصبحنا نشاهد العمل المستورد الذي حل محل العمل المحلي، تماماً مثلما حل العامل الأجنبي محل العامل السعودي! وهنا السؤال يظهر: أين السعودة في الإنتاج الدرامي المحلي بتلفزيوننا؟.
نقلا عن الرياض