لابد أولاً أن أهنأ الوطن والقيادة الحكيمة بالاحتفاء بيوم التأسيس الذي صافح قلوبنا يوم أمس 22 فبراير ليكون مناسبة وطنية نستحضر فيها كل عام عمق التاريخ السعودي وجذوره الراسخة ولأكثر من ثلاثة قرون ومنذ عام 1139هـ على يد الإمام محمد بن سعود، وخلالها حفر الأجداد الصخر لتحقيق الوحدة الوطنية وتحويل القبائل المتناحرة إلى أمة عظيمة ليكمل الملك عبدالعزيز مسيرة التأسيس ويجيئ أبناءه البررة من بعده للسير على الخطى لتقوم دولة فتية تعيش حالياً عهداً تطويرياً متسارعاً يفوق الخيال؛ فما تبنيه الأمم في مئات السنين نبنيه نحن في بضعة أشهر وتلك هي روح العزم والحزم، وطموحنا الذي يصل عنان السماء كما قال سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
ومن تلك الطموحات تطوير وسط جدة والمشروع العملاق الذي يهدف إلى تطوير أكثر من 5 ملايين متر مربع، وصناعة وجهة عالمية تسهم في تعزيز المكانة الاقتصادية لمدينة جدة ولتكون أحد أهم 100 مدينة في العالم؛ حيث سيضم المشروع مشاريع ثقافية، ورياضية، وسياحية، وترفيهيه متنوعة منها داراً للأوبرا، ومتحف، واستاد رياضي، والأحواض المحيطة والمزارع المرجانية. بل سيضم أكثر من 17.000 وحدة سكنية ومشاريع فندقية تضم (2700 غرفة).
ولأعداد البني التحتية للمشروع بدأت خطة الإزالة للأحياء القديمة ومنها الرويس ، ثم لم تلبث أن ظهرت خريطة لإزالة عشرات من الأحياء العشوائية في مطلع عام 1443هـ وقد شملت أحياء منها: النزلة، وغليل، والسبيل، والعمارية والصحيفة.. وغيرها.وهي فعلاً أحياء عشوائية تم بناءها بدون تخطيطوكثير من قاطنيها من الأجانب ومخالفي أنظمة الإقامة الذين استوطنوا وبنوا إمبراطوريات مخلة بأمن وسلامة المجتمع؛ فهذا المشروع جاء ليحقق الكثير من الاهداف منها تحسين الوضع الاجتماعي للسكان وكشف مخالفي الإقامة الذين عاثوا فساداً من ترويج للمخدرات والمسكرات.. وغيرها ولتطوير العروس الحالمة لتصبح مدينة عالمية.
ومن الناحية التاريخية سيتم الاحتفاظ بمنطقة جدة التاريخية حسب رؤية سمو ولي العهد للمحافظة على التراث حيث سيعاد للمنطقة قيمتها التاريخية فهي نقطة التقاء رئيسية للتجارة العالمية والثقافات المتنوعة منذ القرن الثالث قبل الميلاد.. فضلاً عن الأثر التاريخي بزعم وجود قبر (أمنا حواء) منذ بدء الخليقة.. ثم لوقوعها على البحر وعمل السكان في صيد الأسماك والتجارة حيث أصبحت الشريان العالمي ونقطة التقاء للثقافات بين قارات العالم القديم (أفريقيا وآسيا وأوروبا) واكتسبت أهميتها بصورة أكبر بعد الإسلام كونها بوابة مكة المكرمة للحجاج القادمين من جميع أنحاء العالم الإسلاميوطريق موصل لهم للمدينة المنورة وذلك منذ عهد الخليفة عثمان بن عفان – رضي الله عنه - والذي بنى أول ميناء بحري في جده وتم تطويره على مراحل التاريخ. وفي جدة الكثير من المساجد التاريخية التي نتمنى الحفاظ عليها ومنها 35 مسجداً يعود تاريخها إلى عهد الخلفاء الراشدين مثل مسجد عثمان بن عفان، ومسجد العتيق . بل كانت انطلاقة الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه- لرحلته لمصر ومقابلة كبار الشخصيات مثل روزفلت وتشرشل.. كانت من ميناء جدة .
ولأن الرؤية جاءت للاستثمار في التراث وهو من أهم مقومات السياحة؛ فلابد من إحياء المنطقة بنمط تراثي مستوحى من الطراز الحجري القديم وأن تكون النوافذ والأبواب محلاة بالرواشين، والسقوف للأبنية مزخرفة بالفن الإسلامي مع التركيز على النخيل ليكون الأصل في امتداد الشوارع فهي رمز لتراثنا الوطني.
هذه المميزات ستجعل من جدة وجهة عالمية تستقطب ملايين السياح من داخل وخارج المملكة بمن فيهم الحجاج والمعتمرون الذين لن يفوتوا فرصة الذهاب لجدة والاستمتاع بمظاهره النهضة والتراث والتاريخ.
هذا وقد أعلنت أمانة جدة والهيئة العامة لعقارات الدولة بدء استقبال طلبات التعويضات عبر بوابة الأمانة الرقمية دون الحاجة لمراجعة مقر اللجنة؛ وحتماً ستكون التعويضات مجزية وتتناسب مع كونها في وسط جدة.
حقيقة كلنا مع التطوير وندعمه بكل ما أوتينا من قوة لتكريس الحياة العصرية والممزوجة بالثقافةالاصيلة لكل مدننا لتطوير الإنسان والمكان بللتحقيق مستهدفات المملكة في رؤية 2030م لتوفير اقتصاد مزدهر، ومجتمع حيوي، ووطن طموح في ظل كيان قوي أسس منذ قرون لنجني اليوم حصاد التأسيس.
نقلا عن المدينة ومرسل من الكاتبة

