فيديو قصير لم يتجاوز الدقيقة، ولكنه تجاوز تداوله بين رواد وسائل التواصل الاجتماعي ملايين المشاهدات، وكان يتضمن رسالة هادفة ومؤثرة حول الإرجاف وأثره الاجتماعي والوطني خلال ندوة أقامتها إمارة منطقة القصيم تحت عنوان (الإرجاف.. المفهوم والأثر الاجتماعي)، وحضرها لفيف من المسؤولين وأصحاب الفضيلة وعدد من المستشارين في الديوان الملكي، والفيديو المقصود هو جزء من حديث المستشار في رئاسة أمن الدولة اللواء المهندس بسام عطية والذي ذكر فيه خطورة الإرجاف كونه جريمة تقوّض الدول وتفتّت كيانات وطنية مهما بلغت قوتها وتماسكها كالاتحاد السوفيتي، وكما حدث في الربيع العربي الذي مُرر بتحويل الثورة كنزهة بدأت بنثر الأزهار وانتهت بحمامات الدماء وهتك الأعراض وهدم الدول!
يشكل الإرجاف اختراقاً للبعد الاجتماعي في الدولة لزلزلة مكونات المجتمع بمحركات إما عقدية أو اقتصادية أو سياسية وذلك بتمرير الأخبار الكاذبة والشائعات المفزعة بغية نشر الاضطرابات والذعر وإرساء الإحباط والقنوط وإثارة الفوضى والبلبلة كل ذلك استهدافاً لتشويه وهدم أسس السلطة، وبالتالي الاستئثار بها وهذا بالطبع الدافع لأي إرجاف.
ذكر اللواء بسام عطية في ثنايا حديثه عن الإرجاف أن الدول لا تسقط ارتجالاً، ولا تلعب الصدف دوراً في تفتيت الشعوب بل إنها أمور ممنهجة ومبرمجة ضمن خطط وأجندات ومشاريع مدروسة مسبقاً وبدقة متناهية تبدأ بالإرجاف الذي يتغوّل ويتضخم حتى يصبح بمثابة الدولة العميقة التي تتحد مع الدولة الباطنية القائمة على الكذب والأساطير والشائعات والأوهام والافتئات على ولي الأمر وتقزيم منجزات الدولة وتحقير مشاريعها الحضارية، فالخمينية كانت دولة باطنية تغوّلت بالإرجاف وبث الأساطير حتى التهمت دولة بأكملها، كذلك هو الحال للحزب الإخواني ومحاولاته اليائسة بأذرعته الباطنية كالسرورية والبنائية والقطبية لاختراق المجتمع حتى قلّمت مخالبها وتم نفيها وتشتيت رموزها وتعطيل محركاتها.
الندوة التي أقيمت في منطقة القصيم عن الإرجاف وانتشرت في أرجاء المملكة هي -في تقديري- بمثابة دق ناقوس مهم في عقول المجتمع السعودي الذي يتوق لفهم بعض الأحداث ومنبعها ومقاصدها، والجيد في الأمر أن التفاعل مع مقتطفات الندوة كان كبيراً ومتداولاً سواء ما تفضل به اللواء أو بقية المشاركين في الندوة، فالمجتمع اليوم بحاجة ماسة إلى محفزات الوعي الوطني والأمني بحقيقة ما يحدث حوله وما يحاك ضد وطنه من إرجاف باطني لتقويض المجتمع وهدم ثقته بقيادته ودولته وبث روح الإحباط إزاء كل مايحدث من منجزات في وطنه، وهنا أشدد على أهمية عقد مثل هذه الندوات بين حين وآخر لتشمل جميع المناطق، واستهداف فئة الشباب ومؤسسات التعليم بجميع مراحلها لنشر ثقافة الأمن الوطني والتحصين الفكري بين أبناء الوطن.
حفظ الله وطننا من فتن الإرجاف والمرجفين.
نقلا عن عكاظ