٨ من السيرة الذاتية : الهجرة الى الرياض ( الجزء الأول ) : بقلم / عاطف بن لشول في منتصف العام الدراسي وأنا في مرحلة ( سادس ابتدائي ) أتى الوالد من الرياض في اجازة قصيرة لا تتعدى الخمسة عشر يوم ، وكان رحمه الله قد شرى ارض في مدينة الرياض وانشاء عليها منزل ، وهذا يشير الي استعداده لنقل اسرتنا الصغيرة الي هناك ، ولكن يبدُ انه متردد لأمور كثيرة يصعب سردها ، وهذا يفسر مجيئه في منتصف العام ، اذ كيف ننتقل وباقي من الدراسة قرابة الأربعة اشهر ، ولكن الوالدة كان لها رأي آخر تماماً ، فقد اصرت على السفر مع الوالد ولو تم التضحية بجزء من بعض المصالح ، لعلمها بأن الوالد حينما يغادر فلن يعود الا بعد سنة او سنتين ، عندها نشب خلاف شديد وكانت حجة الوالد المدرسة بينما حجج الوالدة كثيرة ومقنعة ، تدخل الأقارب وكانوا يميلون الى رأي الوالد ، بيد ان الوالدة اخذت قرار بمغادرة البيت الى اهلها عند سفره بدونها ، وكانت الوالدة من النوع الحازم ويعرف الجميع صدقها عندما تقرر شئ ، لذلك اقتنع الوالد بموضوع اصطحاب الوالده مع شقيقي الأصغر { حسن } ذلك بعد ان أقنعه أعمامي وأ خوالي برعايتنا انا وشقيقي الأكبر وأختي وهي اكبرنا سناً ، على ان نبقى في البيت بقيادة شقيقتي التي كانت تبلغ من العمر خمسة عشر عام فقط ، سبق السفر بعض الإستعدادات ومنها بيع الغنم وأشياء اخرى تم الغائها من برنامج العمل اليومى المجهد مثل العمل في المزارع بصفة عامة ، عدى بقاء البقرة لغرض المنيح ، وقد افاد الوالد بضرورة لبس أمي للعباءة اثناء السفر ، وهو الشئ الغير معروف أنذاك في مرتفعات السروات ، عليه فقد احضر ذلك الشئ من سوق الثلاثاء بالنماص ، وقد تدربت على لبسها الوالدة عدة مرات ، وكانت متخوفة من { الغطوة } فيما يخص الرؤية وحرية الحركة ..... في يومٍ كئيب رجعنا من المدرسة فلم أجد أمي بحثت عنها في كل الأرجاء فلم اجدها ، قالوا سافرت مع أبوك ، عندها اظلمت الدنيا في وجهي سألت من حولي في براءة من أين ذهبوا ، قالوا لقد يمموا جهة الشمال، ركضت الى اعلى مرتفع من القرية يريني الشمال ونظرت إلى أقصى الأُفق لعلني أراها ولكني لم أرى امي ،رجعت للبيت حزين مكسور مكتئب ، حاولوا اعمامي تعبئة الفراغ الرهيب ولكن كلٌ مشغول بنسفة إذ لم يكن هناك دقيقة واحدة تضيع فذاك يسني على البقر وذاك يحرث وذاك يبني وتلك تهتم بشؤون بيتها وهكذا ، كانوا أخوان الوالدة غير الاشقاء كثير وهم من نفس قريتنا وكان دور الجميع تلطيفي في الاسبوع الاول فقط من سفر الوالدين ، ولكن خالي شقيق الوالدة تقمص دور الاب والام رحمه الله تعالى ،وكان شهماً كريماً شجاع سديد الرأي وهو عمدة القبيلة الرسمي انذاك ، إذ كان رحمه الله يأتي غروب كل يوم ويتفقد دروسنا ويثرينا بالحكايات الجميلة حتى نغط في النوم ، لم يكل ولم يمل حتى آخر يوم { الخال هو البديل الحقيقي للوالد }..... ورغم مرارة الفقد التي لا استطيع التعبير عنها بدقة ، إلا انني وشقيقي احسسنا بحرية نسبية لم نعهدها ، وكانت شقيقتنا ورغم صغر سنها إلا انها تقمصت دور الأم بكل جدارة ، فقد تعوَّدت ومنذُ نعومة اضفارها على تحمل المسؤليات ولولا ثقة الوالده فيها لما تركتنا وسافرت بعيداً مع الوالد ، ولأن الغنم والعمل في المزارع ذهب الى غير رجعة فقد كان لدي انا وشقيقي وقت واسع للعب مع اقراننا وكنا نتأخر احياناً وننال بعض العقاب من شقيقتنا يصل احيناً الى الجلد !! أتت الإختبارات النهائية لمرحلة السادسة ، وكانت مهيبة إذ كان علينا أن نجري الاختبار تحت لجنة محايدة في { المدرسة السعودية بالنماص } وكانت تلك المدرسة حديثة من دورين مبنية بالخرسانة المسلحة ويبدُ أن كل مدرسة بنيت بهذه الصفة تسمى المدرسة السعودية كنموذج حديث للمدارس في ذلك الزمان ..... شئ جميل أن اذهب لمدينة النماص رغم هيبة الإمتحان ، ذهبنا اليوم الأل من الإمتحانات ومنحونا أرقام الجلوس وكان الأمر مهيب ولكن كان الاستعداد فوق الممتاز وكانت مدرستنا الأم { عاكسة } تحوي فريق رائع من المعلمين جعلونا نجتاز الإمتحانات بكل إقتدار ...... أتى يوم الثلاثاء وهو السوق الإسبوعي في المنطقة، وكانت اختي قد أعطتني عشرين ريال وأوصتني ببعض المقاضي ومنها سكر وشاهي واشياء اخرى ، بعد الإختبار مباشرة ذهبت الى السوق و{دلهت } بين الألعاب والحلويات وبدأت اشتري من هذا وذاك وكنت أعتمد على ضخامة الميزانية التي منحتني اياها شقيقتي ، ولكن بعد بُرهة نفذ نصف المبلغ ، وكان السوق عبارة عن بسطات صادفت على أحدها أحد الرجال من أخوال الوالد بني شهر الكرام ، عندما لمحني ناداني سائلاً هل انت ولد فلان جاوبته بنعم ، رحب وادناني منه واعطاني بعض الحلوى ، وهذا الرجل النبيل من قرية الظهارة واسمه ( شرف )ولا زال يملك دكان في سوق السبت بتنومة ويجلس فيه الى الآن امد الله في عمره .... كان سوق الثلاثاء كرنفال بهيج يجتمع فيه البدو والتهمان والقرويين كلٌ بما لديه ، إذ يأتون التهمان بقوافل من الحمير محملة بمنتجات تهامة من النباتات العطرية كالريحان والكادي والبرك ، مع بعض الدخن والنبق والعسل والملح والكثير من صناعاتهم الخصفية مثل الزنابيل ولاطباق وأحياناً ادوات الفخار المنزلية ، وكانت ملابسهم وسماتهم ولهجتهم جميلة ومميزه نساء ورجال ، اما البادية فكانت بضاعتهم سمن الغنم والجلود المدبوغة والجلب وأغلبها تيوس فارهة تشبه الوعول ، وكان لهم لهجة تميل الى البداوة ويتميزون بملابس خاصة واجسام ممشوقة ويتكلمون بأصوات مرتفعة فيها شئ من الحدّة ، اما اهل المنطقة فكانت بضاعتهم السمن والبقر والضأن الحرّي ومختلف انواع الحبوب ، وكان جميع الرجال يتمنطقون بالجنبية ، اما النساء فكانت ملابسهن تميل الى السواد مع لبس المضلة بوجوه سافرة وكانو لا يعرفون العباءة بتاتاً وكنّ بحق جميلات...... رجعت من السوق ببعض الحلاوة ولعبتين وقليل مما اوصتني به أختي وقد تعاقبت منها بما استحق ، سنكمل الجزء الأهم وهو الرحيل مع الوالد لاحقاً انشاء الله فانتظرونا ..bnlshwal الرياض 30يناير
- ابن البناء المراكشي.. سلطان الرياضيات وامبراطور الحساب في العصر الإسلامي
- عهدية السيد تنال جائزة «نساء يصنعن التغيير» من «صوت المرأة»
- تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. البنك الإسلامي للتنمية يحتفل باليوبيل الذهبي
- الجزائر وقطر توقعان اتفاقية لإنتاج الحليب المجفف بتكلفة تفوق 3.5 مليار دولار
- تسليم الفائزات بجائزة الأميرة نورة للتميُّز النسائي
- الورد يستهدف إنتاج ملياري وردة بحلول 2026م
- الجامعة الإسلامية بالمدينة تنظم “مهرجان الثقافات والشعوب” الثاني عشر
- اكتشاف 454 كويكبا جديدا في النظام الشمسي
- اللجنة الوطنية للأسماء الجغرافية تعقد اجتماعها التاسع في الجيومكانية
- توسعة وتطوير مطار الأحساء الدولي ومطار الرس
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.alwakad.net/articles/1947216.html