قبل قرابة نصف قرن، استشهد الملك فيصل بن عبدالعزيز -رحمه الله-، وخيم الحزن على العالم كله، ومن ينسى توافد قادة العالم لحضور جنازته ودفنه الملك فيصل، عاش فترة طويلة في مدن الحجاز مكة وجدة وبالذات الطائف. كنت أرى الملك -رحمه الله- وأنا طفل، وهو يخرج ويصلي المغرب شمال مستشفى الأمير منصور العسكري بالطائف، ثم يعود لقصره في حارة معشي. كان هذا مسلكه اليومي، وعندما تولى الحكم كان يمارس نفس السلوك في غار المعذر في موقع المستشفى التخصصي الحالي.
ورثة الملك -رحمه الله- من البنين والبنات، كان إرثهم واسع الثراء ليس بالمال، بل بالاستثمار المربح عالي القيمة والفائدة، ليس صدقة جارية فقط بل إحساناً، فقد كان قرار الأمراء والأميرات بإنشاء جائزة باسم الأب الملك الإنسان، وكما قال الأمير خالد الفيصل في مقدمة التعريف بالجائزة في دورتها 47 (وتأتي غايات الجائزة ومقاصدها بهذا المنظور الإنساني الشامل، لأنها تصدر من أرض الرسالة السماوية الخاتمة، ومهوى أفئدة المسلمين في جميع أصقاع العالم، ومن دولة أسست على نهج هذه الرسالة، واحتكمت إليها، وهذا ما يكسب الجائزة منزلتها العظيمة بين الجوائز، التي تقصد إلى شحذ همم العلماء والمفكرين، ودفعهم إلى العطاء الفكري والعلمي، الذي يفيد البشرية، ويدفعها قدماً إلى ارتقاء مدارج الحضارة).
وكما قال البروفيسور عبدالعزيز السبيل أمين عام الجائزة (تشرفت الجائزة باسم ملك عظيم، حمل هموم أمته العربية والإسلامية، وانفتح على العالم أجمع، فجاءت الجائزة استمراراً للرسالة التي تبناها، والمبادئ التي نادى بها خلال حياته).