تنشغل مؤسسات الأبحاث وبعض مراكز التنبؤ والتحليل كل عام بإصدار قوائم القضايا الأهمّ بالنسبة للعالم، وتتفاوت الأولويّات حَسَبَ زوايا التركيز فهناك من بين المراكز من يركّز على قطاعات الأمن والدفاع، وآخرون يسلّطون الضوء على مجالات الصّحة والغذاء والتغيّر المناخي، وبطبيعة الحال تظهر على هذه القوائم قضايا الحكم والحوكمة وما يتّصل بها من مسائل تتعلّق بالنزاهة والفساد وحرياّت وحقوق الناس مع هيمنة التقنية ومخاوف التضليل الإعلامي.
وفي كثير من هذه القوائم تتكرّر قضايا معينة ويُجمع عليها عند كثير من الباحثين ومعهم بعض مراكز الرصد والتحليل ومن أبرز هذه القضايا:
القضيّة الأولى: الفقر وما يرتبط به من إشكالات، ويكفي أن نعلم أنّه على الرغم من التطور العالمي الحاصل مازال قرابة 10 % من سكان العالم يعيشون في فقر مدقع "Extreme poverty" مع دخل يقل عن دولارين في اليوم، كما يعيش حوالي 26 % من سكان العالم، أو حوالي 1.3 مليار شخص، في حالة فقر معتدل "Moderate poverty" ويُعرَّف الفقر المعتدل بأنه العيش على ما بين 1.90 دولار و3.20 دولارات في اليوم. ويُمكن ملاحظة أثر الفقر في مستوى الحياة لدى شعوب الدّول الأشدّ فقرًا مثل بوروندي، جمهوريّة أفريقيا الوسطى، جمهوريّة الكونغو الديمقراطيّة، الصومال، موزمبيق، النيجر، ليبيريا، تشاد، أفغانستان، ملاوي.
القضيّة الثانية: انعدام الأمن الغذائي والذي تعرّفه منظمة الصحة العالميّة بوجود نقص مستمرّ أو غير منتظم في الوصول إلى الغذاء الكافي لضمان حياة صحيّة سليمة، وهنا يُلاحظ على الصعيد العالمي، أن حوالي 282 مليون شخص في 59 دولة يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي، ويأتي على رأس أسباب تفاقم الفقر ومعه انعدام الأمن الغذائي كثرة النزاعات المسلحة، والتغير المناخي، والأزمات الاقتصاديّة.
القضيّة الثالثة: الاستعداد والاستجابة لأوبئة محتملة في المستقبل، وقد نشّط هذا الهاجس ما حصل من أزمات كبرى بسبب أزمة كوفيد - 19 ""كورونا"، هذه الأزمة فرضت على الدول الشروع في تعزيز النظم الصحيّة، وتطوير أنظمة مراقبة قويّة للأمراض، وكذلك العناية بسلاسل إمداد الغذاء والأدوية ونحو ذلك.
القضيّة الرابعة: الأمن السيبراني وهذا المهدّد الأخطر على مجتمعات المستقبل، ويتطلّب هذا المجال البَدْء فورًا في تعزيز التدابير الأمنيّة التقنيّة، والتعاون الدولي وبناء شبكات محليّة متينة وآمنة ضمن خطط استراتيجيّة تتضمّن استجابة واضحة ومرنة للحوادث السيبرانيّة.
القضيّة الخامسة: ارتفاع مستوى التوتّرات الجيوسياسيّة، وستكون هذه التوتّرات نتيجة وسببا صنعته القضايا السابقة، ويُضاف إلى ذلك ما يُمكن أن يحصل من تغييرات في موازين القِوَى العالميّة، إذ من المرجّح أن تتزايد طموحات القِوَى العالميّة الجديدة ما يجبر الدول (الكبرى) على مراجعة وتقييم تحالفاتها وقدراتها الاقتصاديّة والعسكريّة، كما يُمكن أن تشهد مناطق مثل أفريقيا وأمريكا الجنوبيّة صعود قِوَى إقليميّة ذات تأثير جيوسياسي كبير بسبب النمو الاقتصادي والفراغ الجيوسياسي ما يُشكّل فرصا وتحديات لدول وشعوب أخرى.
نقلا عن الرياض