الارهاب لادين له يانعيش سوا يانموت سوا. أنا واخويا ضد الارهاب مسلم ومسيحي. كلنا مصريون.. معا ضد الارهاب.. أنا مصري ضد الارهاب يحيا الهلال مع الصليب هذه, وغيرها كثير,
شعارات وصفها شباب مصريون علي الفيس بوك واليوتيوب وغيرها من مواقع الانترنت, وفي كثير من المدونات.
بهذه الشعارات, وماتحمله من معان, واجه شباب مصريون خائفون علي وطنهم جريمة الاعتداء علي كنيسةالقديسين مار مرقس الرسول والانبا بطرس الشهيد, وكأنهم يوجهون رسالة مفادها ان مصر لن تنقسم علي اساس ديني ولن تكون عراقا اخر, وان مسيحييها سيبقون جزءا لايتجزأ من مجتمعها.
وهذه هي الرسالة التي تشتد حاجتنا الي تأكيدها والتأكد من وصولها الي كل مصري في لحظة يتعرض فيها مسيحيو العالم العربي جميعهم الي هجمة شرسة تستهدف تفريغ المنطقة منهم. فقد وضعهم الارهاب علي اجندته, وجعلهم عدوا ثالثا مستهدفا الي جانب العدوين اللذين اعلنتهما السلفية الجهادية في صورتها القاعدية منذ اواخر التسعينيات, وهما انظمة الحكم( العدو القريب) والغرب المسمي لديها صليبيا بشقيه الامريكي و الاوروبي( العدو البعيد).
وبعد ان تعثرت خطي القاعدة في مواجهة كل من العدوين, بالرغم من النجاح الذي بدا انها حققته في هجمات11 سبتمبر2001 وعبر اقامة عدد من قواعد الارتكاز في المنطقة, أخذت في استهداف المسيحيين بدءا بالعراق, ولم يكن هذا توجها خاصا لدي قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين التي توسعت في ارهاب المسيحيين في العراق ثم هددت باستهدافهم في باقي بلاد العرب وخصت مصر والشام بالذكر. انه توجه يقترب الآن من ان يكون عاما عبر تأسيسه علي مبدأ ظلامي هو ان المسيحيين خرجوا من عقد الذمة مع المسلمين ويبدو إظلام هذا المبدأ مركبا لانه يضع قاعدة تهدف الي تغيير وضع لم يكن قائما إلا في عقول الظلاميين, وهو ان المسيحيين اهل ذمة.
ويعني ذلك ان الاعتداء علي كنيسة القديسين لم يكن عملا من اعمال الارهاب العابر الذي يضرب هدفا يتيسر الوصول إليه بغض النظر عن طابعه فهذا عمل مدفوع بالتوجه الجديد في فكر القاعدة نحو استهداف المسيحيين بصورة عمدية منظمة. وكان تهديد القاعدة في العراق باستهداف المسيحيين في مصر ترسيخا لهذا التوجه الجديد.
وهكذا أصبح استهداف المسيحيين في العالم العربي والاسلامي جزءا من فكر القاعدة الذي يجري تداوله عبرالانترنت ويلتقطه شباب ممسوح العقل شديد الغضب علي كل مايحيط به من أوضاع ومستعد بعضه للانتحار فيتحول الي قنابل بشرية قاتلة ومخربة.
وهذا هو أخطر ماتنطوي عليه موجة استهداف المسيحيين, لانها تأتي في مرحلة تحول نوعي في الارهاب من منظمات وجماعات ذات عناوين معروفة الي حالة ذات طابع هلامي غير محدد الملامح.
وارهاب هذا طابعه لاتكفي الاجراءات الامنية في مواجهته مهما بلغ اتقانها وكمالها, ولذلك فليست مجدية الدعوة التي تبناها البعض الي تكوين ما اسموه( دروعا بشرية اسلامية لحماية المصلين في الكنائس) فقد يصلح مثل هذا الكلام في مجال التعبير الرمزي عن مشاعر جياشة. او في نظم قصيدة حماسية, اوتدبيج خطبة منبرية.
كما ان تأمين المسيحيين في مواجهة هذه الهجمة, التي لاتقتصر علي مصر, يتطلب مفهوما أمنيا أوسع بكثير من حشد القوات حول الكنائس, اوحتي تحويلها الي ثكنات عسكرية, ومنع السيارات من الوقوف بالقرب منها, او حتي في عمل الاكمنة في مداخل ومخارج المحافظات علي نحو يحيل حياة الناس الي جحيم, وكأنما لايكفي ماهم فيه من عذاب مقيم. فمصر ليست في حالة حرب, ولايفيد كثيرا الافراط في اجراءات امنية لايمكن ان تستمر طول الوقت.
فالمفهوم الأمني اللازم لتأمين ابناء مصر المستهدفين من الارهاب يقوم علي العمل الجاد لازالة الاحتقان الديني الذي تراكم علي مدي مايقرب من اربعة عقود. ولهذا العمل الجاد وجهان يرتبط احدهما بالاخر, وهما السعي الي تغيير المناخ العام المحمل بتعصب وتطرف دينيين, والاسراع في اتخاذ اجراءات تأخر بعضها كثيرا.
فأما هذه الاجراءات فأهمها هو مايحيل المواطنة واقعا معاشا وليس فقط مبدأ دستوريا, و يجعل الدولة مدنية فعلا وليس فقط قولا. ويمكن ان تكون البداية بإدراج مشروع قانون البناء الموحد لدور العبادة, الذي اعده المجلس القومي لحقوق الانسان منذ عام2007, علي جدول اعمال الدورة الحالية لمجلس الشعب, بحيث يمكن اصداره قبل نهايتها في يونيو القادم.
واما المناخ العام الذي يلزم تغييره فهو ذلك الذي ينتج عن تفريغ المجتمع من السياسة بمعناها الواسع الذي يتصل بحياة الناس. فقد انتج هذا التفريغ مجتمعا تنأي أغلبيته الصامتة الواسعة بنفسها عن قضاياه الحيوية وتنغمس في سفاسف الامور.
فالعمل الجاد الذي لابديل عنه لحماية المجتمع, وليس فقط لتأمين الكنائس واهلها, يقع في داخل البلاد بالرغم من ان متصدر الارهاب الذي يتصدي له هذا العمل يقع في الخارج.
فقد اصبح معلوما بالضرورة انه لم تعد هناك حدود فاصلة حاسمة بين داخل وخارج في عالم اليوم عموما, وفي انماط الارهاب الجديدة خصوصا. وفي حالتنا التي نناقشها, يبدو التداخل واضحا بين فكر الارهاب الجوال وادواته المحلية. ولكن الاهم من ذلك هو ان الاثر الاخطر لاستهداف المسيحيين في مصر هو حجم التداعيات المترتبة عليه. فالفرق كبير بين استهداف اية فئة من الفئات في مجتمع متماسك يتمتع بقدر معقول من المناعة, وفي مجتمع آخر ينهكه الاحتقان الناجم عن تراكم المشاكل الطائفية.
والفرق اكبر بين استهداف المسيحيين في مجتمع رسخت فيه علاقات المواطنة فصار كل منهم يتفاعل فيه بصفته مواطنا فردا, وفي مجتمع يعاملهم ويتعاملون معه بصفتهم طائفة اما ان يصل الاحتقان في هذا المجتمع الي حد انه لايبقي قادرا علي استيعابهم, ولا يستطيع كثير منهم الاندماج فيه, فهذا هومايجعل استهدافهم شديد الخطر علي مستقبله, فالارهاب يضرب, في هذه الحالة, مجتمعا يتآكل علي نحو يجعل قضية وجود المسيحيين فيه مطروحة جديا.
وهذا هو مالايمكن ان يكونه مجتمعنا الذي اظهرت المحنة المرتبطة بالاعتداء علي كنيسة القديسين ان خلاياه التي مابرحت حية تصر علي حمايته, وليس فقط تأمين الكنائس المستهدفة من الارهاب بروافده الخارجية والداخلية علي حد سواء.
نقلا عن الاهرام المصرية
- جامعة الأمير سلطان تحصل على براءة اختراع لحماية حقوق المحتوى الرقمي
- دول مجلس التعاون تخطو خطوات كبيرة وقيّمة لمكافحة الإسلاموفوبيا
- مباحثات جدة الإيجابية “اختراق كبير” في الأزمة الروسية الأوكرانية
- أرامكو السعودية تواصل تعميق التعاون مع الصين
- أبرز ثلاثة علماء رياضيات عرب لا يزال العلم الحديث يذكرهم حتى اليوم
- هجوم إسرائيلي على فيلم وثائقي فاز بجائزة الأوسكار صنعه فلسطينيون و اسرائيليين
- مراجعة مكافحة الإغراق ضد واردات بلاط السيراميك من الصين والهند
- وزارة التعليم و”موهبة”.. تعلنان عن اكتشاف 29 ألف موهوب في المملكة
- انطلاق مؤتمر بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية في نسخته الثانية تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين
- القمة العربية الطارئة بالقاهرة تبحث اليوم إعمار غزة دون تهجير
حماية المجتمع أم تأمين الكنائس في مصر؟
Permanent link to this article: https://www.alwakad.net/articles/50912.html